كتاب مفهوم الأسماء والصفات (اسم الجزء: 4)

ابن الخطاب: فقال إن هؤلاء قتلوا، فلو كانوا أحياءً لأجابوا. فلم يملك عمر نفسه، فقال: كذبت يا عدو الله، أبقى الله عليك ما يخزيك. قال أبو سفيان: أعْلُ هُبَلْ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أجيبوه" قالوا: ما نقول؟ قال: "قولوا: الله أعلى وأجل"، قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عُزَّى لكم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أجيبوه" قالوا: ما نقول؟ قال: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم". وهذه إجابة تحمل عظيم الاعتزاز بالله تعالى مولى المؤمنين الذي يتولى أمرهم، ويدبر شؤونهم، ويظهرهم بالنصر على أعدائهم، في مقابلة أن أولئك الأعداء لا مولى لهم يدبر أمرهم، وينصرهم إلا ما يعبدون من العزى الساقطة التي لا تملك لهم -فضلا عن نفسها- نفعا ولا ضرا.
الولي:
هو اسم من أسماء الله تعالى الحسنى.
ومعنى الولي الناصر، وهو على وزن فعيل على صيغة المبالغة بمعنى فاعل، أي إنه عظيم النصر لعباده المؤمنين.
* وقد ورد هذا الاسم الكريم في القرآن الكريم أربع عشرة مرة1.
* منها خمس مرات بلفظ "وليِّ" بالرفع، وذلك في قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة آية 257) .
والوليّ هنا هو الناصر لمن وليهم وهم المؤمنون ومعنى الآية الكريمة أنه سبحانه يهدي المؤمنين الذين اتبعوا رضوانه سبل السلام، ويخرجهم من ظلمات الكفر والشك والريب إلى نور الحق الواضح الجلي السهل، وأما الكافرون فوليهم الشيطان يزين لهم ما هم فيه من الجهالات والضلالات، ويخرجهم ويحيد بهم عن طريق الحق إلى الكفر والإفك، فكانوا من أصحاب النار هم فيها خالدون. ولهذا وحَّدَ الله تعالى لفظ "النور" لأن الحق واحد، وجمع "الظلمات" لأن الكفر أجناس كثيرة وكلها باطلة2.
وقال الإمام الشوكاني في معنى قوله تعالى {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} أن الوليّ فعيل بمعنى الفاعل وهو الناصر، وأن قوله {يُخْرِجُهُمْ} تفسير للولاية.
__________
1 المعجم المفهرس.
2 تيسر العلي القدير المجلد الأول ص 222.

الصفحة 52