كتاب التربية الإسلامية للشباب
وتطلعا للنتائج العظيمة وتفاديا للعواقب الوخيمة، أذكر بعض التوجيهات راجيا النظر فيها والعمل بها:
1ـ الاهتمام بالتربية الإيمانية، وذلك بتعميق الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر في نفس الابن وغرس العقيدة السليمة، في أعماقه لتكون مصدرا للسلوك الشريف والمعاملة الصادقة، فالعقيدة هي سفينة النجاة وصمام الأمان، وقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وكان يركب خلفه على دابة فقال له: "يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك …" الحديث. ومما يقوي العقيدة ويعمق جذورها الصلاة على وقتها وفي جماعة، وتلاوة القرآن، وذكر الله تعالى، وقراءة السيرة النبوية وسير الصحابة الأجلاء والسلف الصالح. ولابد من متابعته حتى لا ينحرف بها عن الجادة أو يخلطها بشيء من البدع والخرافات.
2ـ تقديم النصيحة الخالصة، والمعرفة الصحيحة على حسب نموه العقلي، لتقع موقعها من الحاجة فتثمر ثمارها، وتحدث أثارها، تنمية ملكات واتساع مدارك واستقامة سلوك. ولا يكفي أن نلقي إليه بذلك وكفى، ولكن لابد من المتابعة والوقوف على أثر هذه الجرعات في تكوينه الفكري وسلوكه الفعلي.. وهكذا نراقبه مراقبة الطبيب مريضه حتى تذهب العلة، وتحل العافية، أو مراقبة الزارع حرثه حتى يستغلظ ويستوي على سوقه ويدلي بثماره.
3ـ التأكد من صلاح الصحبة التي يلتقي بها، ويخرج معها؛ لأن الشاب سريع التأثر بأصحابه شديد الرغبة في أن ينسجم معهم ولا يشذَّ عنهم، فإن كانوا أخيارا انسجم مع أخيار، وتَطبَّع بطباعهم وتخلق بأخلاقهم، وإن كانوا أشرارا فالأمر واضح، والنتيجة أوضح ومن الحكم النبوية البالغة قوله صلى الله عليه وسلم: عن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة " متفق عليه، أما أن يترك للشاب الحبل على الغارب يخرج متى شاء، ومع من شاء بلا رقابة من أب أو أم أو ولي فليس هذا من حسن التربية وتقدير المسئولية ورعاية الأمانة.
4ـ تنظيم أوقات الأبناء وبرمجةُ استذكارهم مع إشعارهم بقيمة الوقت وأنه هو الحياة، وأن فواته من غير منفعة أشق من فوات الروح، بهذا يحرصون على أوقاتهم حرص
الصفحة 198
376