كتاب إزالة الشبهة عن حديث التربة (اسم الجزء: 50 - 51)

معروف، والحسين بن على الصدائي قالا: حدثنا حجاح قال: ابن جريج أخبرنا إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أبى هريرة قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم ذكر الحديث الذي أنا بصدد الكلام حوله، ثم قال أبو جعفر رحمه الله تعالى -في نهاية هذا الحديث الصحيح إسنادا ومتنا-: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: اليوم الذي ابتدأ الله تعالى ذكره فيه خلق السماوات والأرض يوم الأحد لإجماع السلف من أهل العلم على ذلك، فأما ما قال ابن إسحاق في ذلك فإنه إنما استدل بزعمه على أن ذلك كذلك؛ لأن الله عز ذكره فرغ من خلق جميع خلقه يوم الجمعة وذلك يوم السابع وفيه استوى على العرش وجعل ذلك اليوم عيدا للمسلمين، ودليله على ما زعم أنه استدل به على صحة قوله، فيما حكينا عنه من ذلك، هو الدليل على خطئه فيه؛ وذلك أن الله تعالى أخبر عباده في غير موضع من تنزيله أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم ذكر الإمام أبو جعفر هذه الآيات القرآنية التي نصت على أن الله تعالى خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ا?.
قلت: وكان من الواجب على الإمام أبى جعفر رحمه الله تعالى أن يقارن بين هذه الأسانيد التي ساقها في ترجيح أحد القولين في ضوء صحة هذه الأسانيد، وإلا لم يكن لسياقه هذا لتلك الأسانيد الكثيرة كبير فائدة، مادام ذهب أخيرا إلى تركها كليا؛ لأن القرآن يعارضها وكان يكفي له رحمه الله تعالى في أول القول أنها معارضة بآيات القرآن الكريم كما فصل أخيرا دون أن ينظر نظرته العلمية في ترجيح هذه الأسانيد صحة وضعفا، ومن هنا قد تصدى له في الرد عليه الإمام العلامة الحافظة عبد الرحمن السهيلي في الروض الأنف1 إذ قال رحمه الله تعالى (قال المؤلف) أي ابن إسحاق: وكان اليهود إنما اختاروا السبت لأنهم اعتقدوه اليوم السابع ثم زادوا في كفرهم، أن الله استراح فيه -تعالى الله عن قولهم-، لأن بدأ الخلق عندهم الأحد، وآخر الستة الأيام التي خلق الله فيها الخلق الجمعة وهو أيضا مذهب النصارى، فاختاروا الأحد لأنه أول الأيام في زعمهم وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم للفريقين بإضلال اليوم وقال في صحيح مسلم: أن الله خلق التربة يوم السبت، فبين- الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث- أن أول الأيام التي خلق الله فيها الخلق السبت، وآخر الأيام الستة الخميس وكذلك قال ابن إسحاق فيما ذكر عنه الطبري ا?.
__________
1 الروض الأنف، 2/270.

الصفحة 51