كتاب ملاحظات حول كتاب عقيدة السلف والخلف

وسوف يَأْتِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة فِي نِهَايَة الْمَوْضُوع إِن شَاءَ الله تثبيتا لعقيدة السّلف الصَّالح وتأييدا لَهَا.
وَأما الْآن فَإِنِّي أثبت هُنَا إِثْبَاتًا علميا إِن شَاءَ الله تَعَالَى إِن هَذَا العنوان الَّذِي عنون بِهِ هَذَا الْأَخ الْكَرِيم كِتَابه بقوله: "هَذِه عقيدة السّلف وَالْخلف فِي ذَات الله تَعَالَى وَصِفَاته وأفعاله وَالْجَوَاب الصَّحِيح لما وَقع فِيهِ الْخلاف من الْفُرُوع بَين الداعين للسلفية وَأَتْبَاع الْمذَاهب الْأَرْبَعَة الإسلامية" (هُوَ) عنوان غير صَحِيح. لِأَن عقيدة السّلف الصَّالح من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن تَبِعَهُمْ بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين فَإِنَّهَا مَبْنِيَّة على أسس ثَلَاثَة:
(1) تَنْزِيه الله من مشابهة الْخلق.
(2) الْإِيمَان بِالصِّفَاتِ الثَّابِتَة بِالْكتاب وَالسّنة وَعدم التَّعَرُّض لنفيها وَعدم التهجم على الله بِنَفْي مَا أثْبته لنَفسِهِ.
(3) قطع الطمع عَن إِدْرَاك الْكَيْفِيَّة.
كَمَا ذكر ذَلِك1 عُمْدَة الْمُتَأَخِّرين الْعَلامَة الشَّيْخ مُحَمَّد الْأمين الشنقيطي رَحمَه الله نقلا عَن المصادر الْأَصْلِيَّة كَمَا سَوف يَأْتِي بعض تَفْصِيله إِن شَاءَ الله.
وَأما عقيدة الْخلف فَإِنَّهَا مَبْنِيَّة على التَّأْوِيل والتحريف والتعطيل والتشبيه كَمَا حكى ذَلِك الْعَلامَة سعد الدّين التفازاني فِي شرح العقائد النسفية وَهُوَ كتاب يدرس فِي أغلب مدارس الْهِنْد والباكستان وَغَيرهَا فِي مَادَّة التَّوْحِيد وأصل الْكتاب للعلامة الشَّيْخ عمر بن مُحَمَّد بن أَحْمد النَّسَفِيّ الْحَنَفِيّ قَالَ الْعَلامَة التفازاني مَا نَصه: "وَقد كَانَت الْأَوَائِل من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ لصفاء عقائدهم ببركة صُحْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقرب الْعَهْد بِزَمَانِهِ، ولقلة الوقائع والاختلافات وتمكنهم من الْمُرَاجَعَة إِلَى الثِّقَات مستغنين عَن تدوين العلمين –الْكتاب وَالسّنة- وترتيبهما أبوابا وفصولا وَتَقْرِير مقاصدهما فروعا وأصولا إِلَى أَن حدثت الْفِتَن بَين الْمُسلمين وَغلب الْبَغي على أَئِمَّة الدّين وَظهر اخْتِلَاف الآراء والميل إِلَى الْبدع والأهواء وَكَثُرت الْفَتَاوَى والوقعات وَالرُّجُوع إِلَى الْعلمَاء فِي الْمُهِمَّات فاشتغلوا بِالنّظرِ وَالِاجْتِهَاد وَالِاسْتِدْلَال والاستنباط وتمهيد الْقَوَاعِد" انْتهى ثمَّ قَالَ فِي مَوضِع آخر معتذرا للخلف عَمَّا أقدموا عَلَيْهِ من إِيجَاد هَذِه العقيدة الخلفية قَالَ: "الْقَوْم الَّذين كَانُوا يناظرهم الْخلف مَا كَانُوا يقبلُونَ الْأَدِلَّة النقلية وَلَا ينقادون لَهَا فَذَلِك اضْطر عُلَمَاء الْخلف إِلَى الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة2" انْتهى.
__________
1 انْظُر رسَالَته (مَنْهَج ودراسات لآيَات الْأَسْمَاء وَالصِّفَات) ص (25) وَهِي من مطبوعات الجامعة الإسلامية سنة 1395 هجري.
2 شرح العقائد النسفية: ص.11

الصفحة 293