كتاب ملاحظات حول كتاب عقيدة السلف والخلف

وَقَالَ الْحَافِظ فِي لِسَان الْمِيزَان: "وللجعد أَخْبَار كَثِيرَة فِي الزندقة مِنْهَا: أَنه جعل فِي قَارُورَة تُرَابا وَمَاء فاستحال دودا أَو هواما فَقَالَ: أَنا خلقت هَذَا لِأَنِّي كنت سَبَب كَونه، فَبلغ ذَلِك جَعْفَر بن مُحَمَّد فَقَالَ: ليقل كم هُوَ؟ وَكم الذكران مِنْهُ وَالْإِنَاث إِن كَانَ خلقه وليأمر الَّذِي يسْعَى إِلَى هَذَا أَن يرجع إِلَى غَيره. فَبَلغهُ ذَلِك فَرجع"1 انْتهى.
وَذكره الْعَلامَة الإِمَام أَبُو سعد عبد الْكَرِيم السَّمْعَانِيّ فِي الْأَنْسَاب فِي نِسْبَة الْجَعْدِي إِذْ قَالَ: "وَجَمَاعَة نسبوا إِلَى رَأْي الْجَعْد بن دِرْهَم مولى سُوَيْد بن غَفلَة وَقع إِلَى الجزيرة وَأخذ بِرَأْيهِ جمَاعَة وَكَانَ الْوَالِي بهَا إِذْ ذَاك مَرْوَان بن مُحَمَّد، فَلَمَّا جَاءَت الخراسانية نسبوه إِلَيْهِ شنعة عَلَيْهِ. ثمَّ قَالَ: وَقتل الْجَعْد بن دِرْهَم خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي عَامل هِشَام بن عبد الْملك"2.
وَهَكَذَا قَالَ الإِمَام عز الدّين بن الْأَثِير فِي تَهْذِيب الْأَنْسَاب نقلا عَن السَّمْعَانِيّ فِي هَذِه النِّسْبَة3.
وَقَالَ الْعَلامَة الديار بكري صَاحب (الْخَمِيس) : "وَكَانَ مَرْوَان هَذَا يعرف بالجعدي نِسْبَة إِلَى مؤدبه وأستاذه جعد بن دِرْهَم وَكَانَ زنديقا"4 انْتهى.
قلت: وَقد سَاق الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ شيخ الْإِسْلَام عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ الْمُتَوفَّى سنة 280 هجري إِسْنَاده فِي كِتَابه البارع النافع الْمُفِيد: (الرَّد على الْجَهْمِية) هَكَذَا فِي قتل هَذَا الزنديق: حَدثنَا الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن حبيب بن أبي حبيب عَن أَبِيه عَن جده حبيب بن أبي حبيب قَالَ: "خَطَبنَا خَالِد بن عبد الله القسي يَوْم الْعِيد الْأَضْحَى فَقَالَ: أَيهَا النَّاس ارْجعُوا فضحوا تقبل الله منا ومنكم فَإِنِّي مضح بالجعد بن دِرْهَم أَنه زعم أَن الله تبَارك وَتَعَالَى لم يتَّخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَلم يكلم مُوسَى تكليما سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُول الْجَعْد بن دِرْهَم علوا كثيرا ثمَّ نزله فذبحه.
ثمَّ سَاق إِسْنَاد آخر بقوله: حَدثنَا هِشَام بن مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ المكفوف ثَنَا أَحْمد بن سُلَيْمَان الْبَاهِلِيّ ثَنَا خلف بن خَليفَة الْأَشْجَعِيّ قَالَ: "أُتِي خَالِد بن عبد القسي بِرَجُل قد عَارض الْقُرْآن فَقَالَ: قَالَ الله فِي كِتَابه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} . وَقلت أَنا: مَا هُوَ أحسن مِنْهُ إِنَّا أعطيناك الْجمَاهِر فصل لِرَبِّك وجاهر وَلَا تُطِع كل سافه وَكَافِر، فَضرب خَالِد عُنُقه وصلبه فَمر بِهِ خلف بن خَليفَة وَهُوَ مصلوب
__________
1 لِسَان الْمِيزَان: 105 /2.
2 الْأَنْسَاب للسمعاني: 287 /3.
3 اللّبَاب فِي تَهْذِيب الْأَنْسَاب: 282 /1.
4 تَارِيخ الْخَمِيس: 183 /2.

الصفحة 296