كتاب مفهوم الأسماء والصفات (اسم الجزء: 7)

وغير ذلك مشتملة على هذين الأصلين: تحميده، وتوحيده، وكان أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله1.
وقد ورد اسم (الحميد) سبحانه في القرآن الكريم سبع عشر مرة:
منها عشر مرات اقترن باسم (الغنيّ) سبحانه2.
وذلك في مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (البقرة آية267) .
ومعنى الآية على ما ذكره الحافظ ابن كثير عن ابن عباس: أن الله أمر المؤمنين بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه، ونهاهم عن التصدق برذالة المال ودنيئه وهو خبيثه فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، ونهاهم أن يقصدوا الإنفاق من الخبيث الذي لو أعطوه ما أخذوه إلا أن يتغاضوا فيه، فالله غني عن إنفاقهم، وغني عن جميع خلقه، واسع العطاء، وهو الحميد أي المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره، لا إله إلا هو ولا رب سواه3.
والمعنى على ما ذكره الإمام الشوكاني: أن الله أمر المؤمنين أن ينفقوا من جيد كسبهم ومختاره، وهو الحلال، وكذلك من طيبات ما أخرج سبحانه لهم من الأرض من نباتات ومعادن وركاز، ولا يقصدوا المال الرديء الخبيث لينفقوا منه، فهم أنفسهم يرفضون قبوله في تعاملهم، إلا تساهلا ورضى ببعض الحق4، فالله غني عن جميع المخلوقين، وهو الغني عن نفقات المنفقين وعن طاعات الطائعين، وإنما أمرهم بها وحثهم عليها لنفعهم ومحض فضله وكرمه عليهم، ومع كمال غناه وسعة عطاياه، فهو (الحميد) فيما يشرعه لعباده من الأحكام الموصلة لهم إلى دار السلام، والحميد في أفعاله التي لا تخرج عن الفضل والعدل والحكمة، والحميد في صفاته لأن صفاته كلها محاسن وكمالات لا يبلغ العباد كنهها ولا يدركون وصفها5. والمعنى على قول صاحب صفوة التفاسير أن الله سبحانه غني عن نفقاتهم حميد يجازي المحسن أفضل الجزاء6.
__________
1 الكواشف الجلية: ص11، 12 ببعض تصرف.
2 المعجم المفهرس.
3 تفسير القرآن الكريم الجزء الأول ص320، 321
4 فتح القدير الجزء الأول ص289
5 تيسير الكريم الرحمن الجزء الأول ص159
6 صفوة التفاسير الجزء الأول ص 170

الصفحة 80