كتاب دور الأدب في مكافحة الخمر بين الجاهلية والإسلام

ومن المشهور قول قيس بن عاصم في تحريمه الخمر في جاهليته وتصوير أخطارها:
لعمرك إن الخمر ما دمت شارباً ... لسالبةٍ مالي ومذهبةٍ عقلي
وتاركتي من الضعاف قواهم ... ومورثتي حرب الصديق بلا نبل 1
وروى له ما يصور قصته مع التاجر وهو قوله:
من تاجرٍ فاجرٍ جاء الإله به ... كأن لحيته أذناب أجمال
جاء الخبيث ببيسانية تركت ... صحبي وأهلي بلا عقل ولا مال 2
وقالوا: حرم صفوان بن أمية بن محرث الكناني الخمر على نفسه في الجاهلية وروى عنه قوله:
رأيت الخمر مَنْقُصَةً وفيها ... مناقبُ تفسد الرجل الكريما
فلا – والله – أشربها في حياتي ... ولا أشفي بها أبداً سقيما 3
وهي – حتى عند الجاهليين – أم الخبائث – ترتبط بكثير من الرذائل والفواحش فهي دافعة إلى الزنا، وداعية إلى لعب الميسر، وممن صور هذا الارتباط الوثيق بين هذه الرذائل التي أصلها الخمر الشاعر الجاهلي المشهور: عفيف بن معد يكرب عم الأشعث بن قيس، ومما روى عنه في ذلك قوله:
وقائلةٍ: هلُمَّ إلى التصابي ... فقلت: عففت عما تعلمينا
وَودَّعْتُ القِداحَ وقد أراني ... بها في الدَّهر مشغوفاً رهينا
وحرَّمت الخمور عليَّ حتى ... أكون بقعر ملحود دفينا
__________
1 أمالي القالي ج1 ص 208.
2 البداية والنهاية لابن كثير ج8 ص 31.
3 العقد الفريد ج6 ص 346 – ويروي في بعض المصادر: " رأيت الخمر صالحة " " ولا أسقي بها أبدا نديما ".

الصفحة 139