كتاب مفهوم الأسماء والصفات (اسم الجزء: 8)

بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْه} (آل عمران آية 1. 2. 3) ، {المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} (الأعراف آية 1. 2) ، {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} (إبراهيم آية 1) ، {الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (السجدة آية 1، 2) ، {حم عسق كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (الشورى آية 1، 2، 3) ، وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر، والله أعلم1. هذا ما يتعلق بالحروف المقطعة.
أما آية مفتتح سورة إبراهيم فمعناها- بعد الحروف المقطعة- أن هذا كتاب أنزلناه إليك يا محمد وهو القرآن العظيم الذي هو أشرف كتاب أنزله الله من السماء على أشرف رسول بعثه الله في الأرض إلى جميع أهلها عربهم وعجمهم، لتخرج به الناس مما هم فيه من الضلال والغي إلى الهدى والرشد، بإذن ربهم لأنه هو الهادي لمن قدر له الهداية على يدي رسوله المبعوث عن أمره، يهديهم إلى صراط العزيز الذي لا يمانَع ولا يغالَب، بل هو القاهر لكل ما سواه، الحميد أي المحمود في جميع أفعاله، وأقواله، وشرعه، وأمره، ونهيه، الصادق في خبره2.
وقال الإمام الشوكاني إن معنى الآية المذكورة أننا أنزلنا الكتاب إليك يا محمد، لتخرج الناس من ظلمات الكفر والجهل والضلالة إلى نور الإيمان والعلم والهداية، جعل الكفر بمنزلة الظلمات، والإيمان بمنزلة النور، واللام في: لتخرج للغرض والغاية، والتعريف في الناس للجنس. والمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم يخرج الناس بالكتاب المشتمل على ما شرعه الله لهم من الشرائع مما كانوا فيه من الظلمات إلى ما صاروا إليه من النور، وذلك بإذن ربهم إلى صراط العزيز القادر الغالب، الحميد الكامل في استحقاق الحمد3.
ومعنى الآية في جامع البيان: أنه كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس بدعوتك إياهم إلى ما فيه من أنواع الضلال إلى الهدى بأمر الله وتوفيقه إلى صراط العزيز الغالب، الحميد المستحق للحمد4.
ومعنى الآية في تفسير الكريم الرحمن: أنه تعالى نزل كتابه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لنفع الخلق، ليخرج الناس من ظلمات الجهل، والكفر، والأخلاق السيئة،
__________
1 تفسير الحافظ ابن كثير الجزء الأول ص 36-39.
2 تفسير ابن كثير الجزء 3 ص 523 بقليل تصرف.
3 فتح القدير الجزء 3 ص 93 بقليل تصرف.
4 جامع البيان في تفسير القرآن ص 356.

الصفحة 127