كتاب مفهوم الأسماء والصفات (اسم الجزء: 10)

ومعناه حاضر لا يغيب، لا يشتمل عليه زمأن، ولا يحويه مكأن، منزه عن مشابهة الحوادث، قريب من عبده في أي زمأن ومكأن، الإله هو ولا إله إلا هو، إلى أن قال: هو مصدر الجلال والجمال لأهل النور الذاتي والمعنوي1 - ثم قال: هو هو، ولا مشهود غيره 2. ثم قال: وهو الضمير الدال على اسم الله، تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام"3.
وهكذا يبين لنا مما كتب أولئك الصوفية، أنهم يزعمون أن ضمير الغائب (هو) هو اسم من أسماء الله الحسنى، ولذلك ينادونه سبحأنه بقولهم:
(يا هو) كقول قائلهم:
(فيا هو قل أنتَ أنا ... ويا أنا قل أنت هو)
كما تجد أولئك القوم يذكرون الله تعالى في أذكارهم وحضراتهم بهذا الضمير على أنه أحد أسمائه الحسنى سبحأنه، فنسمعهم يقولون: (هُو -هُو -هُو -هُو) ويرددون هذه الكلمة مئات المرات زاعمين أنهم يذكرون الله باسم من أسمائه الحسنى.
وقد كذبوا على الله تعالى، وسمَّوه بما لم يسمِّ به نفسه، وشرعوا له ما لم يشرعه سبحأنه، وقالوا عليه بغير علم، والله تعالى حرم ذلك فقال جل وعلا: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} (الأعراف آية 33) .
__________
1 أقول: يقصد الشارع عقيدة المشاهدة الباطلة.
2 أقول: يشير الشارح إلى عقيدة أخرى من عقائد الصوفية الزائغة وهي عقيدة وحدة الوجود. ويعنون بها أن الله حل في كل شيء. فأصبحت الموجودات كلها لا حقيقة لوجودها غير الله فكل شيء هو الله. وذلك يظهر من قول قائل الصوفية:
فيا هو قل أنت أنا ... ويا أنا قل أنت هو
ما في الوجود غيرنا ... أنا وهو وهو وهو
وقوله:
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه عينه
وقول الزنديق محيى الدين بن عربي:
الربٌ عبدٌ والعبد ربٌ ... يا ليت شعري من المكلف؟
إن قلت عبدٌ فذاك ربٌ ... أو قلت ربٌ أنَّي يكلف؟
وقوله كذلك:
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا ... وما الله إلا راهب في كنيسة
وهذا الهراء معناه أن الله جَلَّ في العبد، وفي الكلب، وفي الخنزير، وفي كل شيء، وصار كل شيء في الوجود هو الله … تعالى الله عما يقول أولئك المجرمون عُلُوّا كبيراً.
3 الرجع السابق ص 121، 122، 123.

الصفحة 118