كتاب النقد الأدبي ومقاييسه خلال عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الخلافة الراشدة
الخلاصة
...
خلاصة:
ونخلص من هذا إلى القول بأن النقد في عصر صدر الإسلام - عصر الرسول وعصر الخلافة الراشدة - قد خطا خطوات رشيدة، وترسم مناهج وطرقا أكثر تحديدا، وأوضح أحكاما من سابقتها في العصر الجاهلي، ونخلص - أيضا - إلى أن المقاييس والمعالم النقدية التي اتسم بها النقد الأدبي في هذا العصر، كانت تبدو في المقاييس والمعالم الآتية:
أولاً: مقياس الدين:
ونعني به - في إيجاز - قياس النتاج الأدبي، وميزانه وتقويمه على أساس من روح الدين وتعالميه التي جاء بها، وهذا يعني أن الناقد الأدبي كان يستحسن من النتاج الأدبي ما جاء متفقا مع الدين وروحه في بناء المجتمع الجديد، كما كان - بالطبع - يستهجن ما جاء مخالفا لهذا الدين ولروحه وآدابه.
وقد بدا هذا المقياس واضحا في نقد الرسول صلى الله عليه وسلم لشعر لبيد واستحسانه إياه، وفي إعجابه واستحسانه لشعر النابغة الجعدي، وفي تعديله لشعر كعب بن زهير، وكعب بن مالك، مما أوردناه آنفا.
كما اتضح أيضا في نقد عمر رضي الله عنه لشعر الحطيئة وسحيم وتوضيحه لما ينبغي أن يكون عليه الشعر من معنى صحيح أو شريف يلتقي مع الروح الإسلامية، ويبدو - أيضا - في استحسانه لشعر زهير ولبيته الذي بين فيه الحقوق؛ وذلك لالتقائه مع أصل من أصول التشريع الإسلامي.. إلى غير ذلك.
ثانياً: المقياس البياني:
ونعني به - أيضا - قياس النتاج الأدبي، وتقويمه على أساس ما ينبغي أن يكون عليه الأسلوب من سهولة في التعبير وسلاسة في الألفاظ، ووضوح في التركيب، وبعد عن التكلف والتصنع، على أساس أن التعبير المنطلق السلس أقرب إلى البلاعة والبيان من العمل المحكك المنمق.
وقد بدا هذا المقياس واضحا في استحسان الرسول لشعر طرفة، وإعجابه الشديد بقول عمرو بن الأهتم، كما بدا - أيضا - في استهجانه صلى الله عليه وسلم للسجع المتكلف الذي أنكره على قائله.
الصفحة 286
376