كتاب نظام الإثبات في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 63 - 64)

القسم الأول: المستندات الصادرة من دائرة رسمية:
وهي تلك التي يثبت بها موظف عام أو شخص مكلَّف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للقواعد المرعية وفي حدود سلطته أو ولايته أو اختصاصه. ولذلك فإن أهم ما يشترط للسند الرسمي ما يلي:
(1) أن يكون تحريره بمعرفة موظف عمومي أو جهة رسمية.
(2) أن يكون ذلك الموظفة أو تلك الجهة الرسمية مختصة بتحرير مثل هذا السند وفي حدود سلطتها أو ولايتها.
(3) أن يكون تحرير هذا السند قد تم بحسب القواعد الموضوعة له1.
ومثال المستندات الرسمية: صور الأحكام التي تستخرجها المحكمة ممهورة بإمضاء القاضي وختم المحكمة، وثائق الزواج والطلاق، شهادات الميلاد، صكوك الأراضي وعقودها المستخرجة من سجلات مصلحة الأراضي، مخالصات مصلحة الضرائب وصندوق الزكاة وغير ذلك من المستندات التي تستخرج من الجهات المختصة معتمدة بختمها وإمضائها.
والورقة الرسمية حجة على ما تضمنته من حقوق وبيانات مادامت قد استوفت الشروط المتقدمة، ولذلك لا يقبل إنكار ما جاء فيها إذ أن الجهة الرسمية لا تستخرج هذا السند إلا إذا توثقت من صحة بياناته بالتحري الدقيق أو بشهادة الشهود أو بالرجوع إلى سجلاتها.
ونستدل لهذا القول من كتب السابقين ما ورد عنهم في كلامهم عن كتاب القاضي إلى القاضي أو الحاكم إلى عماله فإنه يكون حجّة وكذلك يكون حجّة ما يصدره القضاة من أوراق للخصوم تتضمن الحكم الذي أصدروه في قضاياهم وغير ذلك. ومن هذه الأقوال:
يقول البخاري في صحيحه "باب الشهادة على الخط المختوم وما يجوز من ذلك وما يضيق منه وكتاب الحاكم إلى عامله والقاضي إلى القاضي". وقال بعض الناس: كتاب الحاكم جائز إلا في الحدود، قال: وإن كان القتل، فالخطأ والعمد واحد، لأنه مال بزعمه وإنما صار مالا بعد أن ثبت القتل، فالخطأ والعمد واحد. وقد كتب عمر إلى عامله في الحدود، وكتب عمر بن عبد العزيز في سن كسرت.
__________
1 أصول المرافعات الشرعية أنور العمروسي فقره 318، علم القضاء. أحمد الحصري 1/48.

الصفحة 115