كتاب ظاهرة التقاص في النحو العربي

وإبدالها من همزَة الِاسْتِفْهَام فِي مثل قَوْلهم: هَزَيْدُ منطلقٌ. يُرِيدُونَ: أَزِيد منطلق. وَأنْشد الْفراء:
وأتى صواحبها فَقُلْنَ: هَذَا الَّذِي
... منح الْمَوَدَّة غَيرنَا وجفانا1
يُرِيدُونَ: أذا الَّذِي. بإبدال الْهَاء من الْهمزَة. فإبدال الْهَاء من الْهمزَة مَقْصُور على السماع- كَمَا بَينا- غير أَن ابْن يعِيش2جعله كثيرا، وقاس عَلَيْهِ إِبْدَال الْهمزَة من الْهَاء، وَجعله ضربا من التَّقَاصّ. أَي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا أَخذ حكما أَخذه مِنْهُ الآخر. فإبدال الْهمزَة من الْهَاء، تمّ لِأَن الْهَاء أبدلت من الْهمزَة. فَكل مِنْهُمَا فعل بِالْآخرِ مثل مَا فعل الآخر بِهِ، وَهَذَا الضَّرْب هُوَ الَّذِي عرف لَدَى النُّحَاة بالتقاص، وارتضوه سمة لهَذِهِ الظَّاهِرَة، ومصطلحا لهَذِهِ الْقَاعِدَة.
__________
1 انْظُر ابْن يعِيش 10/ 43 وَشرح الشافية 3/ 224 والممتع 1/ 399.
2 ابْن يعِيش10/ 43.
3- قلب الْهمزَة واواً:
تبين لنا مِمَّا تقدم أَن ظَاهِرَة التَّقَاصّ تتأتى فِي إِبْدَال الْهمزَة من الْهَاء، وإبدال الْهَاء من الْهمزَة. ونبين الْآن وُرُودهَا بَين الْوَاو والهمزة، ويتحقق ذَلِك فِي إِبْدَال كل مِنْهُمَا من الآخر. فالهمزة تقلب واواً، كَمَا أَن الْوَاو تقلب همزَة، ويتضح ذَلِك على النَّحْو التَّالِي:
(أ) قلب الْهمزَة واواً:
تبدل الْهمزَة واواً فِي عدَّة مَوَاضِع هِيَ3:
ا- أَن تكون الْهمزَة للتأنيث، فَإِنَّهَا تبدل واواً باطراد على سَبِيل اللُّزُوم فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع بِالْألف وَالتَّاء وَالنّسب. فَتَقول فِي صحراء وعشراء ونفساء: صحراوين وعشراوين ونفساوين، وصحراوات وعشراوات ونفساوات، وصحراويّ وعشراويّ ونفساوي.
2- أَن تكون الْهمزَة قبل الْألف فِي الْجمع الَّذِي لَا نَظِير لَهُ فِي الْآحَاد، بِشَرْط أَن يكتنف ألف الْجمع همزتان، وَذَلِكَ نَحْو: ذوائب فِي جمع ذؤابة. أَصله ذآئب، فأبدلت الْهمزَة واواً هروباً من ثقل اجْتِمَاع الهمزتين وَالْألف، وَهَذَا الْإِبْدَال اطرادي لَازم.
3- أَن تقع الْهمزَة لاماً لجمع على مفاعل وَقد سلمت فِي الْمُفْرد، وَذَلِكَ مثل: هِراوة، قَالُوا فِي جمعه هراوي، بإبدال الْهمزَة واوا ليشكل الْجمع مفرده.
4- أَن تلتقي همزتان فِي كلمة وتسكن الثَّانِيَة بعد ضم. فَإِنَّهَا يجب إبدالها واواً. وَذَلِكَ
__________
3 انْظُر سر الصِّنَاعَة 4 0 1 وَمَا بعْدهَا والتصريف الملوكي 38 والتبصرة 4 1 8 والإنصات 477 والممتع 1/ 363 وَالتَّصْرِيح 2/ 372 والأشباه والنظائر 1/ 135 والأشموني 4/ 214.

الصفحة 164