كتاب دفاع عن العقوبات الإسلامية

ولقد لخص "عودة" رحمه الله عيوب عقوبة الحبس بعدة نقاط مؤيدة بالأرقام الإحصائية فذكر منها1:
أولا: إرهاق خزانة الدولة وتعطيل الإنتاج فلاشك أن الدولة سوف تتحمل نفقات كبيرة لإعداد السجون وصيانتها والعناية بها، ومع ذلك فلا يزال السجناء يعانون في كثير من الدول من قلة العناية والرعاية.
ثانيا: إفساد المسجونين ويقول بهذا الصدد وكان من الممكن أن تتحمل الجماعة هذه الخسارة الكبيرة سنوياً أي نفقات هذا السجن والسجناء لو كانت عقوبة الحبس تؤدي إلى إصلاح المسجونين، ولكنها في الواقع تؤدي بالصالح إلى الفساد وتزيد الفاسد فساداَ على فساده، فالسجن يجمع بين المجرم الذي ألف الإجرام وتمرس بأساليبه، وبين المجرم المتخصص في نوع من الإجرام وبين المجرم العادي، كما يضم السجن أشخاصاً ليسوا بمجرمين حقيقين، وإنما جعلهم القانون مجرمين اعتبارا كالمحكوم عليهم في حمل الأسلحة أو لعدم زراعة نسبة معينة من القمح والشعير، وكالمحكوم عليهم في جرائم الخطأ والإهمال، إلى آخر ما ذكره رحمه الله. فحاصل ما ذكر أن السجن أصبح مدرسة إجرامية يلقن فيها المجرمون العتاة والمعتادون المبتدئين من المجرمين.
إلى أن قال: ولقد دلت المشاهدات على أن الرجل يدخل السجن لأمر لا يعتبره العرف جريمة كضبط قطعة سلاح معه، وكان المعروف عنه قبل دخوله السجن أنه يكره المجرمين ويأنف أن يكون منهم، فإذا خرج من السجن حبب إليه الإجرام واحترافه بل صار يتباهى به إلى آخر ما ذكر، وهو كلام جيد مدعم بالإحصائيات فيحسن الرجوع إليه.
ثالثا: قتل الشعور بالمسئولية: وعقوبة الحبس فوق أنها غير رادعة فإنها تؤدى إلى قتل الشعور بالمسئولية في نفوس المجرمين، وتحبب إليهم التعطل، خاصة من يقضى منهم مدة طويلة في السجن.
رابعا: انعدام قوة الردع: إن عقوبة الحبس قد فرضت على أساس أنها عقوبة رادعة ولكن الواقع قد أثبت أنها لا فائدة منها ولا أثر لها في نفوس المجرمين، فالذين يعاقبون بالأشغال الشاقة وهى أقصى أنواع الحبس لا يكادون يخرجون من السجن حتى يعودوا لارتكاب الجرائم، ولو كانت العقوبة رادعة لما عادوا، لما عوقبوا عليه بهذه السرعة ثم ذكر إحصائيات تدعم ذلك.
__________
1 لقلتها من التشريع الجنائي ج1 من الصفحة 732-.74. ملخصة بشيء من التصرف.

الصفحة 81