كتاب البدع وآثارها السيئة

الاعتماد على ما ليس هو المعتمد في القول والعمل فليست هي طريقة أهل العلم بل هو نوع من النفاق في العلم والجدل والكلام والعمل.
قال: وأما صلاة التراويح فليست بدعة بل سنة بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه".
وكذلك صلاتها جماعة في المسجد ليست بدعة بل سنة صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أول الشهر ليلتين بل ثلاثا وصلاها في العشر الأواخر مرات ثم تركها وقال لهم في الليلة الثالثة أو الرابعة لما اجتمعوا: "إنه لم يمنعني أن أخرج لكم إلا كراهة أن يفرض عليكم"، فعلل الترك بخشية الافتراض على الأمة.
وأما الجواب عن قول عمر رضي الله عنه "نعمت البدعة هذه" ففي قول الصحابي الذي لم يخالف فيه, قولان لأهل العلم:
أحدهما: حجة يقدم على القياس ويخص به العموم وهذا قول مالك والقديم للشافعي ورواية عن أحمد وقول بعض الحنفية.
والثاني: ليس بحجة لأن الصحابي لم تثبت عصمته يجوز عليه الخطأ والغلط.
وهذا قول عامة المتكلمين والجديد للشافعي واختاره أبو الخطاب1. وعلى القولين لا تصلح ولا تصح معارضة الحديث بقول الصحابي. وهو ظاهر. نعم أكثر ما في هذا هي تسمية عمر تلك بدعة.
وهذه تسمية لغوية لا شرعية وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق.
فلما كانت صلاة التراويح في عهد عمر بهذه الهيئة وهي اجتماعهم في المسجد على قارئ واحد مع إسراج المسجد عملا محدثا لم يعهد من قبل سماه بدعة.
فإذا دل نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على استحباب شيء أو إيجابه بعد موته أو دل على ذلك مطلقا ولم يعمل بذلك إلا بعد وفاته – صلى الله عليه وسلم - صح أن يسمى بدعة في اللغة لأنه عمل مبتدأ كما أن نفس الدين الذي جاء به - صلى الله عليه وسلم - يسمى بدعة ومحدثا في اللغة كما قالت رسل قريش للنجاشي عن المهاجرين إلى الحبشة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم ولم يدخلوا في دين الملك وجاءوا بدين محدث لا يعرف"2.
__________
1 الروضة لابن قدامة.
2 اقتضاء الصراط المستقيم.

الصفحة 103