كتاب ذم الفرقة والاختلاف في الكتاب والسنة

والفساد أضعاف ما في الانتصار من المصلحة ودفع الظلم.
ولهذا جاء ت النصوص عن النبي- صلى الله عليه وسلم- في النهي عن قتال الأئِمة الجائرين الظالمين.
ففي صحيح مسلم والترمذي أن سلمة بن يزيد الجعفي سأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألون حقهم ويمنعوننا حقنا فما تأمرنا، فأعرض عنه مرارا- وهو يعيد السؤال - ثم قال: اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم".
وفي الصحيحين عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إنها ستكون أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله كيف تأمر من أدرك ذلك منا؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم".
وفيهما أيضا عن ابن عمر، أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم - قال: "وعلى المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره، إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة ". وفي صحيح مسلم والنسائي عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "عليك السمع والطاعة، في عُسرك ويُسرك، ومَنشطك ومَكرهك، وأثرة عليك".
وفي الصحيحين، عن ابن عباس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "من كره من أميره شيئا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية".
وهذا كله محافظة على الاجتماع وخوفا من التفرق الذي يضعف الأمة أمام هجمات الأعداء ومحافظة على دمَاء المسلمين وأعراضهم وأموالهم؛ لما يحصل في الخروج على الإمام من الفتن وسفك الدماء وذهاب الأموال وهتك الأعراض؛ كما جرب الناس ذلك وعانوا منه العنت والشر الكثير، والشرع جاء باحتمال أقل الأمرين ضررا؛ لدفع ما هو أعظم؛ ولهذا جاءت النصوص عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بالأمر بقتل من خرج بطلب السلطة، والمسلمون لهم سلطان قائم لما في ذلك من الفتن والتفرق، كما في صحيح مسلم عن عوف بن عرفجة قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: "ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان". وفي النسائي، عن أسامة بن شريك، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "أيما رجل خرج، يفرق بين أمتي فاضربوا عنقه".
وفي صحيح مسلم والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "من خرج من الطاعة وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية، ومن قتل تحت راية عُمِّيّة يغضب

الصفحة 20