كتاب الوحدة الإسلامية أسسها ووسائل تحقيقها
وقد وصفهم ابن عباس بعد زيارة لهم فقال: "فدخلت على قوم لم أرقط أشد منهم اجتهادا، جباههم قرحة من السجود وأياديهم كأنها ثفن1 الإبل وعليهم قمص مرحضة 2 مشمرين مسهمه 3 وجوههم من السهر.."4
وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم - إلى هذه الطائفة بقوله: "يخرج قوم من أمتي يقرؤون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرؤون القرآن يحسبون انه لهم وهو عليهم ولا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية…" رواه مسلم وأبو داود5.
وأما الصوفية فقد بالغوا في الذكر والزهد وعاشوا في ظلمات الخلوات للوصول إلى (درجة اليقين) التي تسقط عندها عنهم كل التكاليف الشرعية- بزعمهم-6.
وقد أنكر ابن عقيل رحمه الله عليهم هذه الأهواء والبدع فقال: "ما أعجب أموركم في المتدين: إما أهواء متبعة أو رهبانية مبتدعة"7.
__________
1 الثفن:جمع ثفنة: ركبة البعير ونحوها مما يحصل فيه غلط من أثر البروك.
2 رحضة:وصف للملابس القديمة التي بليت من كثرة استعمالها وغسلها.
3 مسهمة:أي مغيرة.
4 تلبيس إبليس ص 205
5 رواه مسلم ح (1066) وأبو داود ح (4768) وما بعده.
6 الفتاوى 11/417.
7 تلبيس إبليس 206.
الإهمال المطلق بها
...
ب- الإهمال المطلق للعبادات والاكتفاء بالتلفظ بالشهادتين:
وهذا الانحراف كان من ثمرات الإرجاء الذي لا يعطي للعمل اهتماما إذ أن الإيمان يثبت عند المرجئة بالقول فقط- عند بعضهم- وبالاعتقاد عند البعض الآخر.
وكان جهم بن صفوان هو أول من زعم أن: "الإيمان هو المعرفة بالله تعالى فقط والكفر هو الجهل به فقط"8.
وذكر البغدادي أن المرجئة: "إنما سموا مرجئة لأنهم أخروا العمل عن الإيمان".
__________
8 مقالات الإسلاميين1/214، الفرق بين الفرق211ـ 212.
الصفحة 46
190