كتاب عقود التأمين حقيقتها وحكمها

من المالكية من يقول إنه ملزم مطلقاً ومنهم من يقول إنه غير ملزم مطلقاً ومنهم من يقول يلزم إذا ذكر لها الواعد سبباً وإن لم يباشر الموعود ذلك السبب كأن يقول أريد أن أقرضك كذا لتتزوج، والراجح عندهم أنه يلزم إذا دخل الموعود في سبب ذكر في الوعد1.
يقول الزرقا: "فإنا نجد في قاعدة الالتزامات هذه متسعاً لتخريج عقد التأمين على أساس أنه التزام من المُؤَمن للمستأمنين ولو بلا مقابل على سبيل الوعد أن يتحمل عنه أضرار الحادث الخطر ... ولا يخفي أن أقل ما يمكن أن يقال في عقد التأمين إنه التزام تحمل الخسائر عن الموعود في حادث معين محتمل الوقوع بطريق الوعد الملزم نظير التزام بتحمل خسارة المبيع عن البائع مما نص عليه المالكية"2.
وقول بعض المالكية في هذه المسألة على التسليم بصحته جدلاً لا يصح أن يقاس عليه عقد التأمين لوجود الفارق بينهما.. فالوعد الملزم عند من قال به تبرع محض لا معاوضة فيه وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى بيان حيث أن الموعود لا يلتزم بشيء مقابل وعد الواعد أما عقد التأمين فمعاوضة واضحة والتزام من الجانبين كما تقرر.. والتبرعات يغتفر فيها ما لا يغتفر في المعوضات كما تقرر أيضاً فلا يمكن أن تقاس المعاوضة من الطرفين في عقد التأمين على التبرع من طرف واحد في الوعد الملزم مع وجود هذا الفارق الجوهري.
__________
1 انظر الفروق للقرافي 4/22 وما بعدها.
2 انظر أصول الفقه الإسلامي ص 410.
إلحاق عفد التأمين بمسألة عقل العاقلة
...
6- إلحاق عقد التأمين بمسألة عقل العاقلة:3
في هذا الصدد يقول الزرقا: "إن نظام العواقل أصله عادة حسنة قائمة قبل الإسلام في توزيع المصيبة المالية ... وقد أقر الشرع الفكرة لما فيها من مصلحة ... وجعلها إلزامية في جناية القتل لأن فيها مسئولية متعدية بسبب التناصر وذلك بعد إخراج حالة العمد منها ... فما المانع من أن يفتح باب لتنظيم هذا التعاون على ترميم الكوارث بجعله ملزماً بطريق التعاقد والإرادة الحرة كما جعله الشرع إلزامياً دون تعاقد في نظام العواقل؟ "4.
يقول الزرقا: "يكفي في القياس التشابه بين المقيس والمقيس عليه في نقطة ارتكاز الحكم ومناطه وهي العلة وهذا ما رأيناه في نظام العواقل الإسلامي ونظام التأمين الحديث في بعض فروعه"5.
__________
3 عاقلة الرجل عصبته التي تعقل عنه: أي التي تؤدي عنه دية الخطأ.
4 انظر أصول الفقه الإسلامي ص 412.
5 انظر المصدر السابق ص 517.

الصفحة 87