كتاب الرابط وأثره في التراكيب في العربية

لتؤمنن به، والضمير في به عائد على الموصول المبتدأ ولا يعود على رسول لئلا تخلو الجملة التي وقعت خبراً عن المبتدأ من رابط يربطها به1.
__________
1 أبو حيان: البحر المحيط جـ 2 ص 511.
الصبان جـ 1ص 162.
التوكيد بكل:-
أشرت فيما مضى إلى أن لفظ "كل" من ألفاظ التوكيد المعنوي التي تربط بالضمير مثل حفظت القرآن كله، واذكر هنا أن ابن مالك ذكر في التسهيل2 أنه قد يستغنى عن الإضافة إلى الضمير بالإضافة إلى مثل الظاهر المؤكد بكل. فهنا يكون الرابط الإسم الظاهر، وحبل من ذلك قول كثير:-
كمْ قد ذكرتُكِ لو أُجْزى بذِكْركُمُ ... يا أشبه الناسِ كُلَّ الناسِ بالقمرِ3
فكل توكيد ولم تربط بالضمير وإنما حل محلة الإسم الظاهر.
وقد رد ذلك أبو حيان فجعل كلا ههنا ليست للتأكيد، وإنما هي نعت. وليس ذلك بشيء فالتي ينعت بها ما تدل على الكمال لا على عموم الأفراد.
__________
3 البيت استشهد به النحاة على إضافة كل إلى اسم ظاهر حاشية الصبان جـ 3 ص 75.
ثالثاً: الربط بالمعنى
أجمع النحاة على جواز إحلال الظاهر محل الضمير في الربط وذلك في مقام التفخيم والتعظيم بشرط أن يكون الإسم الظاهر بلفظ الأول كقوله تعالى: {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ} .
وقد أجاز الأخفش في الجملة الخبرية أن يكون رابطها إعادة المبتدأ بالمعنى كما لم يستبعد ذلك ابن عصفور إلا أنه وصفه بأنه قليل جداً4.
وقد استدل الأخفش بقوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} 5 فإن وما بعدها خبر لمن الأولى ولا ضمير في الجملة الخبرية يعود عليها فيكون الرابط عند الأخفش إعادة المبتدأ بمعناه إذ المعنى عنده فإن الله يضله6، ومما استدل به الأخفش أيضاً قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا} فقوله: إنا لا نضيع إلى آخر الآية جملة في موضع رفع خبر إن الأولى
__________
3 البيت استشهد به النحاة على إضافة كل إلى اسم ظاهر حاشية الصبان جـ 3 ص 75.
4 ابن عصفور: شرح الجمل جـ 1 ص 346.
5 الآية رقم 8 من سورة فاطر.
6 ابن عصفور: شرح الجمل جـ 1 ص 345

الصفحة 153