كتاب الرابط وأثره في التراكيب في العربية

وليس في جملة الخبر ضمير يعود على اسم إن، فالرابط إعادة المبتدأ بمعناه إذ التقدير عند الأخفش إنا لا نضيع أجرهم، ومثل هذه الآية الكريمة قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِين} ، فالذين: مبتدأ، وجملة إنا لا نضيع أجر المصلحين هي الخبر، والرابط إعادة المبتدأ بمعناه فإن المصلحين هم الذين يمسكون بالكتاب.
وهذا الذي استدل به الأخفش لا حجة له فيه:-
أما قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} 1 فقد رأى ابن عصفور والزمخشري وأبو حيان أن الخبر محذوف، وقد حذف عند ابن عصفور2 لدلالة ما تقدم عليه.
وهو قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} 3 فهو في التقدير: أفمن زين له سوء عمله فله عذاب شديد أما من آمن وعمل صالحاً فله مغفرة وأجر كبير فحذف لفهم المعنى.
وقيل الخبر محذوف تقديره كمن لم يزين له سوء عمله كقوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} 4.
وقال الكسائي: "تقديره: ذهبت نفسك عليهم حسرات لدلالة قوله تعالى: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} " وقيل تقديره: كمن هداه الله لدلالة قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} وإلى الرأيين الأخيرين ذهب الزجاج5، وما ذهب إليه الأخفش في الآية الكريمة لم يشر إليه الزمخشري وأبو حيان.. وتأتي إلى الآية الثانية وهي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ..} إلى آخر الآية كيف قدر النحاة خبر إن؟.
__________
1 الآية رقم 170 من سورة الأعراف.
2 ابن عصفور: شرح الجمل جـ1 ص 346.
3 الآية رقم 7 من سورة فاطر.
4 الآية رقم 14 من سورة محمد
5 الزمخشري: الكشاف جـ 2 ص 571.
أبو حيان: البحر المحيط جـ 7 ص300

الصفحة 154