كتاب تحقيق القول بالعمل بالحديث الضعيف

والحسن عنده ما تعددت طرقه ولم يكن في رواته متهم وليس بشاذ1 فهذا الحديث وأمثاله يسميه أحمد ضعيفاً ويحتج به وهذا مثل أحمد الحديث الضعيفة الذي يحتج به بحديث عمرو2بن شعيب"3.
وقال: "وأما من قبل الترمذي من العلماء فما عرف عنهم هذا التقسيم الثلاثي لكن كانوا يقسمونه إلى صحيح وضعيف، والضعيف عندهم نوعان:
ضعيف ضعفاً لا يمتنع العمل به، وهو يشبه الحسن في اصطلاح الترمذي.
وضعيف ضعفاً يوجب تركه وهو الواهي، وهذا بمنزلة مرض المريض قد يكون قاطعاً بصاحبه فيجعل التبرع من الثلث، وقد لا يكون قاطعاً بصاحبه، وهذا موجود في كلام أحمد وغيره "4.
ولهذا يوجد في كلام أحمد وغيره من الفقهاء أنهم يحتجون بالحديث الضعيف كحديث عمرو بن شعيب وإبراهيم الهجري وغيرهما فان ذلك الذي سماه أولئك ضعيفاً هو أرفع من كثير من الحسن بل هو مما يجعله كثير من الناس صحيحاً5.
وقال ابن رجب: "وكان الإمام أحمد يحتج بالضعيف الذي لم يرد خلافه، ومراده بالضعيف قريب من مراد الترمذي بالحسن"6.
وقال ابن القيم: "في ذكره لأصول الفتوى عند الإمام أحمد الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شئ يدفعه، وهو الذي رجحه على
__________
1 راجع شرح علل الترمذي: 287 والفتاوى 18/23.
2 عمرو هذا حسن الحديث، إذ أنه صدوق (التقريب 423) ولا فرق بين ما رواه عن غير أبيه إذا كان صدوقاًً أو ثقة، وما رواه عن أبيه عن جده، لأن أباه شعيباًً صدوق، وقد روى عن جده عبد الله وهو الذي رباه، لأن أباه محمد مات وشعيب صغيراًً.
قال أحمد:" قد صح سماع عمرو بن شعيب من أبيه، وصح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو ".
وقال البخاري:" رأيت علي بن المديني وأحمد بن حنبل والحميد وإسحاق بن راهويه يحتجون به ".
وذكر الحاكم دليلاً لا يقبل الجدل. على أن شعيباً سمع من جده عبد الله وذلك أن رجلاًً سأل ابن عمر وثم ذهب معه شعيب إلى عبد الله بن عمر بأمر جده عبد الله بن عمر وثم إلى ابن عباس بأمر جده أيضاًً ثم عاد معه إلى جده عبد الله بن عمرو ثم قال الحاكم:" هذا حديث ثقاة رواته حفاظ وهو كالأخذ باليد في صحة سماع شعيب بن محمد عن جده عبد الله بن عمرو ".
قلت: وقد ذكر هذه القصة قبل الحاكم ابن أبي شيبة 4/142.
وقد بسط القول في هذا الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى بما يغنى عن الإطالة ذاكراً مصدر كل قول فليراجعه من سلا. (راجع تعليقه على مسند الإمام أحمد 10/ 25 الحديث 6518 وجامع الترمذي 2/ 140- 144)
3 الفتاوى: 252/1، ومنهاج السنة: 2/ 191 وراجع في استدلال أحمد بحديث عمرو بن شعيب فتح المغيث: 1/ 80.
4 الفتاوى 18/ 25.
5 الفتاوى: 8 ا/249 ومنهاج السنة 2/ 191 وفتح المغيث 1/ 80.
6 شرح علل الترمذي: 259.

الصفحة 39