كتاب تحقيق القول بالعمل بالحديث الضعيف

لا الحديث الضعيف إلا اللهم ما توجده تلك الزيادة من الإنبعاث إلى ذلك العمل.
وان لم يكن مساوياً بأن زاد على الأصل بحد أو قيد أو عدد فكيف يقال بأن العمل فيه لذلك الأصل كصيام نصف من شعبان1 لأن الصيام ثابت بأدلة صحيحة لكن تحديده وتعين ذلك اليوم والشهر إنما أخذ من هذا الحديث الضعيف فلا يجوز العمل به.
فظهر بهذا أنه لا يجوز التقدير والتحديد بحديث ضعيف في فضائل الأعمال كالصلاة في وقت معين على وجه معين بقراءة معينة مع أن ذلك كله داخل تحت أصل شرعي لكن هذه القيود والحدود والمقادير زائدة بذلك الحديث الضعيف فلا يجوز الأخذ بها بخلاف ما لو كان الحديث الضعيف مساوياً في الحكم لحديث صحيح2.
وسأذكر مثالاً على ذلك من كلام شيخ الإسلام وإن كان مثاله محل نظر صحة وضعفاً كما سيأتي بيانه قال مثال ذلك: "من دخل السوق فقال لا إله إلا الله كان له كذا وكذا"3.
__________
1فضل صوم هذا اليوم وارد في حديث لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أخرجه ابن ماجة (إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان. 1/444) قال: حدثنا الحسن بن علي الخلال ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن آبي سبرة عن إبراهيم بن محمد عن معاوية بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فان الله عز وجل ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر لي فاغفر له ألا من مسترزق فأرزقه ألا من مبتلى فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر ".
قال البوصيري (مصباح الزجاجة 2/ 10) :" هذا إسناد فيه ابن أبى سبرة واسمه أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبى سبرة قال أحمد وابن معين يضع الحديث " وقال ابن حجر:" رموه بالوضع " (التقريب 623) .
وأخرجه من وجه آخر بلفظ آخر ابن الجوزي (الموضوعات 2/ 130) وحكم عليه بالوضع وقال:" إسناده مظلم "، ثم قال:" وفيه محمد بن مهاجر قال ابن حنبل: يضع الحديث ".
2 راجع الفتاوى: 18/ 67.
3 هذا مبنى على أن الحديث ضعيف وليس كذلك لما يأتي:
أخرجه الترمذي! (الدعوات، باب ما يقول إذا دخل السوق. تحفة الأحوذي 4/ 240) وابن ماجة (التجارات، باب الأسواق ودخولها 2/ 752) والطيالسى (منحة المعبود 1/253) وأحمد (المسند: 1/ 47) والبزار (المسند 58) وابن السني (عمل اليوم والليلة ص 77) من طريق حماد بن زيد عن عمرو بن دينار مولى آل الزبير.
وأخرجه أبو نعيم (أخبار أصبهان 2/ 180) من طريق هشام بن حسان عن عمرو.
وأخرجه أبو الشيخ (طبقات المحدثين لوحه 66 ترجمة إسحاق بن إسماعيل) وابن أبى حاتم (العلل 2/ 181) من طريق عمران ابن مسلم عن عمرو بن دينار.
وذكر الدارقطني (العلل 1/ لوحه 64) بأنه رواه عن عمرو بن دينار سماك بن عطية وحماد بن سلمة.
ولفظ الحديث من مسند الطيالسى: قال: حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من دخل سوقا من هذه الأسواق فقال لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحي عنه ألف ألف سيئة وبني له قصر في الجنة ".
قلت: مداره في جميع الطرق المتقدمة على عمرو بن دينار وهو ضعيف (التقريب: 421) .
قال أبو حاتم لما سئل عن هذا الحديث:" منكر جداً لا يحتمل سالم هذا الحديث" (العلل 2/ 171) .

الصفحة 56