كتاب تحقيق القول بالعمل بالحديث الضعيف

= وذكر البزار بأنه رواه عمرو بن دينار قهرمان دار آل الزبير ولم يتابع عليه (المسند 58) .
قال الدارقطني بعد أن ذكر الاختلاف على عمرو:" ويشبه أن يكون الاضطراب فيه من عمرو بن دينار لأنه ضعيف قليل الضبط" (العلل 1/64) .
قلت: قول البزار ولم يتابع عليه محل نظر كما سيأتي بيانه إلا إن كان البزار يشير بالتفرد إلى ما في حديث عمرو بن دينار من الاختلاف عن متون حديث من تابعه وذلك أن في حديث محمد بن واسع وعمر بن محمد بن زيد ورفع له ألف ألف درجة بدل بنى له قصر في الجنة.
وبعد أن ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على سالم وعلى الراوي عنه عمرو بن دينار وعلى الراوي عن عمرو الذي هو هشام ذكر بأنه رواه المهاجر بن حبيب وأبو عبد الله الفراد عن سالم عن أبيه عنه موقوفاً. وأنه رواه عمر بن محمد بن زيد فقال حدثني رجل من أهل البصرة مولى قريش عن سالم:" ثم قال فرجع الحديث إلى عمرو بن دينار وهو ضعيف الحديث لا يحتج به " (العلل ا/ لوحة 64) .
وكلامه هذا يشير إلى أن هذا الرجل البصري الذي روى عنه عمر بن محمد هو عمرو بن دينار وان الحديث عن عمر مرفوعا مداره على عمرو بن دينار لأن مهاجر بن حبيب حسن الحديث (الثقات لابن حبان 7/ 525) فلو كان من طريقه مرفوعاً لما جعل مدار الحديث على عمرو وأما أبو عبد الله الفراء فلم اعرفه. ولم يشر إلى رواية محمد بن واسع لا في العلل ولا في الإفراد.
والعبد الفقير إلى عفو ربه اللطيف يقول:" لم يعد الحديث إلى عمرو بن دينار لأنه رواه عن سالم محمد بن واسع عند الترمذي (الدعوات باب ما يقول إذا دخل السوق تحفة الأحوذى 4/ 240) والدارمى (الاستئذان، باب ما يقول إذا دخل السوق 2/293) والبخاري (التاريخ الكبير 9/50) والحاكم (المستدرك 1/538) وأبو نعيم (حلية الأولياء: 2/ 355 ترجمة محمد بن واسع) وهو ثقة (التقريب 511) فلولا أن الراوي عنه الذي هو أزهر بن سنان ضعيف (التقريب 97) لكان الحديث صحيحاً من طريقه أو لو وجد له متابع لكان كذلك.
وقد رواه عن سالم أيضا عمر بن محمد بن زيد عند الدارقطني (الإفراد والحاكم (المستدرك 1/538) * وعمر بن محمد ثقة (التقريب 417) لكن في سنده عند الحاكم عبد الوهاب بن الضحاك أبو الحارث الحمصي متروك كذبه أبو حاتم (التقريب 368) وشيخة إسماعيل بن عياش مخلط في غير أهل بلده وقد رواه عن غير أهل بلده (التقريب 109) . إلا أنه روى عن عمر بن محمد من طريق آخر رجاله كلهم ثقات. فقد رواه عن عمر بن محمد عبد الله بن وهب ورواه عنه أبو همام الوليد بن شجاع وهو ثقة (التقريب 582) وعنه الحافظ محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي أبو العباس السراج (تذكرة الحافظ ص 731) وعنه الحافظ الحسين بن علي أبو علي شيخ الحاكم (تاريخ بغداد 8/72 وتذكرة الحافظ ص 902) لكنه ادخل فيه واسطة بين عمر بن محمد وبين سالم فقال عمر بن محمد حدثني رجل من أهل البصرة. ولولا هذا لأصبح الحديث صحيحاً من هذا الوجه.
__________
* رواية عمر بن محمد بن زيد ساقطة من النسخة المطبعة وقد أخرجها الحاكم عنه من طريقين كما سيأتي بيانه. راجع نسخة المخطوطة الأزهرية (رقم 634) الجزء الأول 246/ 1، ب.
ولعل الرجل المبهم هو عمرو بن ديناركما تقدم ولولا ما في طريق عمر بن محمد الأول من شدة الضعف لقلت أن عمر سمع هذا الحديث أولا بواسطة هذا الرجل ثم سمعه بعد ذلك من سالم لأنه روى عن سالم في الصحيحين ذكر ذلك الحاكم (راجع نسخة المخطوطة 1/246/ 1، ب) وهو من عائلة عمر بن الخطاب كما هو معروف. أو أنه سمعه أولا من سالم ثم سمعه بعد ذلك من هذا الرجل فحدث به على الوجهين قاصدا- بذكر هذا الرجل- الإشارة إلى أنه رواه معه عن سالم غيره.
ولعلل الدارقطني لما قال فعاد الحديث إلى عمرو بن دينار غفل عن رواية محمد بن واسع دل على هذا قوله في الإفراد عقب حديث عمر بن محمد غريب من حديث عمر بن محمد عن سالم عن أبيه عن جده وإنما يعرف هذا من حديث عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم ولم يأت في كلامه في الكتابين ذكر لرواية محمد بن واسع- وطريق عمرو بن دينار مع طريق محمد بن واسع كافيان في جعل الحديث حسنا لغيره. والله اعلم.
وله شاهدان من حديث عبد الله بن عمر وابن عباس رضي الله عنهم.
فحديث عبد الله بن عمر أخرجه الحاكم (المستدرك 1/ 539) من طريق مسروق بن المرزبان عن حفص بن غياث عن هشام ابن حسان عن عبد الله بن دينار. قال الحاكم:" هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ". وقال الذهبي:" مسروق بن المرزبان ليس بحجة ".
== وأخرجه من طريق آخر العقيلي (الضعفاء الكبير 3/ 304) وابن عدي (الكامل 5/1745) والحاكم (المستدرك 1/ 539) وذلك من طريق عمران بن مسلم المكي. قال الذهبي قال البخاري عمران منكر الحديث (راجع التاريخ الكبير 6/ 419 والمستدرك 1/ 539) .
وحديث ابن عباس أخرجه ابن السني (عمل اليوم والليلة 77) وفيه نهشل بن سعيد متروك (التقريب 566) والضحاك بن مزاحم لم يلق ابن عباس (المراسيل لابن أبى حاتم94) .

الصفحة 57