كتاب الزلاقة معركة من معارك الإسلام الحاسمة في الأندلس
والقضاء، لأن العلم إيمان وعمل، وصدارة العلم لها مسئوليتها وتكاليفها، فرحمهم الله وأجزل لهم المثوبة.
استولى المسلمون على ما كان مع الجيش النصراني الكبير من مال وسلاح، ودواب، وغيرها. وقد عفّ عنها يوسف بن تاشفين وآثر بها ملوك الأندلس، وعرّفهم أنّ مقصده الجهاد، والأجر العظيم، وما عند الله في ذلك من الثّواب المقيم 1.] وهذا درس عملي ألقاه عليهم، ولكنهم لم ينظروا إلى أبعاده ومراميه [،. فأحبّوه، واجتمعوا، وكانوا ثلاثةْ عشر ملكاً، فسلّموا عليه (بأمير المسلمين) ، وكان يدعى (الأمير) . وأرسل إلى الخليفة العباسي المقتدي بأمر الله ببغداد، فأتته الخلع، والأعلام، ولقّبه بأمير المسلمين، وناصر الدين 2.
وضرب السّكّة من يومئذ وجدّدها، ونقش ديناره: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ، وتحت ذلك: (أمير المسلمين يوسف بن تاشفين) . وعلى الوجه الآخر: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الآية 85 من سورة آل عمران، وتحت ذلك: (الأمير عبد الله أمير المؤمنين العبِّاسي) . وفي الدائرة: تاريخ ضرب الدينار وموضع سكّه 3.
__________
1 نفح الطيب جـ4 ص 369/ الروض المعطار ص 93.
2 الكامل في التاريخ جـ8 ص 143.
3 المؤنس ص 109/ وفيات الأعيان جـ7 ص 115/ أعمال الأعلام جـ3 ص251.
نتائج الزلافة
...
نتائج الزلاّقة:
طُيّرت أنباء النّصر الحاسم إلى سائر القواعد الأندلسية، وشاعت أنباؤه في سائر الجنبات، فاستبشر المسلمون بما آتاهم الله من عزيز نصره، وكتب أمير المسلمين رسالة عن الموقعة وتفاصيلها وأوصافها إلى المعز بن باديس صاحب إفريقية، وتجاوبت أصداء النّصر في سائر مدن المغرب وإفريقية، وعمّ الفرح والبشر سائر الناس، فأخرجوا الصدقات، وأعتقوا الرّقاب 1. فكانت الزّلاّقة يوماً مشهوداً من أيّام الإسلام، محت العار الذي لحق ملوك الأندلس من مذلّة الفونسو السادس لهم. وفيه يقول بعضهم من قصيدة 2:
لم تعلم الروم إذ جاءت مصممة ... يوم العَروُبة أنّ اليوم للعرب
__________
1 انظر عنان- دول الطوائف ص 328.
2 المؤنس ص 108.
الصفحة 196
208