كتاب الحيل

ومن أدلة جوازه قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} 1، وقوله صلى الله عليه وسلم للخثعمية: " أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته قالت نعم قال فدين الله أحق بالقضاء " 2.
وللقياس مباحث جليلة تراجع في مظانها من كتب الأصول.
سادسها: شرع من قبلنا إذا لم يصرح شرعنا بنسخه وهو من الأصول المختلف فيها وقد حصل الإتفاق على أن ما أمرنا الله باتباعه من هذه الأحكام في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يكون ملزماً لنا لا بطريق الشرائع السابقة بل بالنص الوارد في شريعتنا، مثاله شرعية الصوم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 3.
كما حصل اتفاق الأصوليين أيضاً على أن ما نهانا عن اتباعه مما في الشرائع السابقة لا يجوز لنا اتباعه، لأن النهي عنه يعد نسخاً صريحاً بالاتفاق، ولا يجوز العمل بالمنسوخ، مثاله حل الأطعمة التي كانت محرمة على اليهود لهذه الأمة المحمدية قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} 4.
وأما الأحكام التي ورد ذكرها في القرآن الكريم أو السنة المطهرة دون أن نؤمر باتباعها أو ننهى عنها فهذا هو مثار النزاع ومحط الخلاف بين علماء الأصول، وهذا ما أحيل القارىء الكريم عليه بكتب الأصول5.
سابعها: قول الصحابي إذا لم يظهر له مخالف: وهو من الأصول المختلف فيها أيضاً فقد ذهب مالك والشافعي في القديم وبعض الحنفية والراجح عند الحنابلة إلى أنه حجة يقدم على القياس ويخصص به العموم وقال الشافعي في الجديد وأبو الخطاب من الحنابلة وعامة المتكلمين أنه ليس بحجة ولكل وجهة6.
ثامنها: الاستحسان وللعلماء في الأخذ بالإستحسان وتفسيره أقوال ليس هذا مجالها، والصحيح من أقوالهم أنه لا يراد به الاستحسان العقلي المجرد من الدليل، وإنما المراد
__________
1 الآية 2 من سورة الحشر.
2 روضة الناظر ص145.
3 سورة البقرة آية 183.
4 الانعام آية 146.
5 أصول البزدوي مبحث النسخ، المغني في أصول الفقه للخبازي، المعتمد لأبي الحسين البصري، شرح البدخشي، أصول الشاشي كلها في مباحث النسخ.
6 روضة الناظر ص84.

الصفحة 103