كتاب الحيل

الإنفاق عليهن ما لا يلزمه شرعاً، وقد اعتبر الشارع قول المرأة في الحيض والحمل، لأن هذا أمر لا يعلم إلا من طريقها، ويتعذر إقامة البينة عليه غالباً، فالآية دلت على تحريم الحيل الآتية:
1- أن تقول المطلقة حضت وهي لم تحض، لتذهب بحق الزوج في الرجعة.
2- أن تقول المطلقة لم أحض وهي قد حاضت، لِتُلْزمه من النفقة ما لا يلزمه كما هو شائع في عصرنا، أو لتُغْر الزوج بالمهلة، في الرجعة حتى تنقضي العدة فينقطع حقه فيها.
3- وكذلك يحرم عَلى الحامل أن تكتم الحمل لتُغْر الزوج بانفساح أمد المراجعة حتى تلد فيتعذر عليه مراجعتها.
4- كما يحرم عليها أيضاً أن تكتم الحمل لتلحق الولد بغيره، كما كان الأمر قبل الإسلام، قال قتادة: كانت عادتهن في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحق الولد بالزوج الجديد ففي ذلك نزلت الآية.
فهذه كلها طرق خفية من قبل الذهن لا يلتفت إليها عادة، ويتوصل بها إلى مضارة الزوج.
كما دل قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً} (البقرة: من الآية228) أن الرجل إنما يباح له المراجعة ما دامت المرأة في العدة إن أراد معاشرة المرأة بالمعروف، فإن أراد بالمراجعة مضارة الزوجة فلا يباح له ذلك بل يحرم عليه ذلك كما يدل عليه مفهوم الشرط في الآية.
وتقرير كون المراجعة للمضارة حيلة أنها تصرف شرعي جعله الله من حق الزوج ما دامت العدة باقية، فظاهر المراجع المتحيل إرادة العشرة بالمعروف، وباطنه المضارة للزوجة، وهو أن يترك المرأة لا يؤويها إليه، ولا يدعها تبين بانقضاء العدة فتتزوج غيره، وقد يقصد من ذلك أيضاً تطويل العدة عليها، فظاهرها مشروع، وباطنها محظور، فرتب الله الحكم وهو التحريم رتبه على الباطن دون الظاهر، فدل ذلك على أن العقود المشروعة إذا اتخذت وسيلة إلى غير ما شرعت له مما حرم الله كان ذلك حراما، وكذلك إذا اتخذت ذريعة لإسقاط ما أوجبه الله تعالى حقاً له أو لعباده.
رابعاً: وقال الله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ الله فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ الله فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ

الصفحة 127