كتاب الحيل

لا يجوز بحال من الأحوال، ولا يبرئه من الله الذي لا تخفى عليه خافية، وهو حانث في يمينه، مأخوذ بظلمه.
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " رواه الإمام أبو عبد الله بن بطة قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مسلم حدثنا الحسن بن الصباح الزعفراني حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن عمر، هذا إسناد جيد يصحح مثله الترمذي وغيره ويحسنه تارة، وأحمد بن محمد بن مسلم المذكور مشهور ثقة، ذكره الخطيب في تاريخه كذلك، وسائر رجال الإسناد أشهر من أن يحتاج إلى وصفهم "1.
وقال ابن كثير: " وهذا إسناد جيد، وأحمد بن محمد بن مسلم هذا وثقه الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي، وباقي رجاله مشهورون على شرط الصحيح "2.
قلت: وهذا الحديث نص صريح في أن الاحتيال إلى محارم الله بأدنى الحيل حرام، وأن ذلك من شأن عمل اليهود الذين لعنهم الله في كتابه وعلى لسان رسوله ومسخهم قردة وخنازير، ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من صنيعهم لئلا يصيبهم ما أصابهم، وإنما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم وشبههم بذلك، لأنهم بيت المكر والخداع والخبث والغدر من قديم الزمان إلى يومنا هذا، فهم البلاء والداء العضال في كل أمة، وهم أصحاب حيلة السبت والشحوم وغيرهما من الحيل.
وقد كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يتفننون بأنواع الحيل للكيد له ولأصحابه فرد الله كيدهم في نحورهم فمن ذلك:
أ- أن بني النضير احتالوا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إلى جنب جدار بيت من بيوتهم، فصعدوا إلى السطح ليلقوا عليه رحى، فنزل عليه الوحي فرجع إلى المدينة وحاصرهم وأجلاهم كما في سورة الحشر3.
ب- أنهم مكروا به بعد غزوة بدر بإرسال رئيسهم وشاعرهم كعب بن الأشرف إلى
__________
1 الفتاوى الكبرى جـ3 ص 123.
2 تفسير ابن كثير جـ 2 ص 58.
3 تفسير القرطبي جـ 18ص 2- 5.

الصفحة 132