كتاب الحيل

مكة يحرض قريشاً ويندب قتلاهم، ثم رجع إلى المدينة يشبب بنساء المؤمنين، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة فقتله، وكفى الله المؤمنين شره1.
ج- أن بني قريظة خانوه ونقضوا ما بينه وبينهم من عهود يوم الخندق كما حكاه الله تعالى في سورة الأحزاب من قوله: {وَرَدَّ الله الَّذِينَ كَفَرُوا} (الأحزاب: من الآية25) وهم قريش وغطفان {بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً} (الأحزاب: من الآية25) ، {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب} (الأحزاب: من الآية26) وهم بنو قريظة {مِنْ صَيَاصِيهِمْ} (الأحزاب: من الآية26) من حصونهم {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ} (الأحزاب: من الآية26) وهم الرجال {وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً} (الأحزاب: من الآية26) وهم النساء والأطفال {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً} (الأحزاب:27) 2.
د- إنهم مكروا به وسحروه حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله، كما فعل لبيد بن الأعصم اليهودي ذلك به3.
هـ- إنهم مكروا به بوضع السم له حتى يقتلوه فأعلمه الله تعالى ونجاه، كما ثبت في الصحيحين أن يهودية سمته صلى الله عليه وسلم في شاة فأكل منها لقمة ثم لفظها وأكل معه بشر بن البراء رضي الله عنه فمات منها، وعفا عنها ولم يعاقبها كرماً منه وشرفاً4.
وهذا وأمثاله مما يعلم من أخلاق اليهود وطباعهم الشريرة، ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته في الحديث الذي نحن بصدده، ومعنى قوله " بأدنى الحيل " أي بأسهلها فمثلا من طلقِ امرأته ثلاثا صعب عليه بالطريق الشرعي أن ترجع ولا يكون ذلك إلا بعد أن تنكح زوجا غيره نكاح رغبة ثم قد يطلقها الثاني من غير مواطئة أو يموت عنها وهو نادر قليل، وقد لا يطلق ولا يموت وهو الكثير الغالب لكن إذا لجأ إلى الحيلة ترجع بأدنى وأبسط وأسهل الحيل فيعطي أحد التيوس المستعارة مبلغا زهيدا في سبيل رجوعها إليه بعد نكاح الثاني.
وكذلك من أراد أن يقرض ألفا بألف وخمسمائة فمن أدنى الحيل أن يقرضه ألفا إلا درهماً ويبيعه سلعة حقيرة تساوي درهماً بخمسمائة درهم، وهكذا التحايل على الحرام ميسور بأسهل الطرق وأدناها.
__________
1 الآية 25-27 من سورة الأحزاب، وانظر تفسير القرطبي جـ 14 ص10-161.
الآية 25-27 من سورة الأحزاب، 2وانظر تفسير القرطبي جـ 14 ص10-161.
3 انظر صحيح البخاري جـ 7 ص 154.
4 انظر صحيح البخاري جـ 3 ص 178.

الصفحة 133