كتاب الحيل

4- وقد ناسب الكلام أن نورد الأحاديث الواردة فى نكاح التحليل فهي من أدلة تحريم الحيل من ذلك:
أ- روى الإمام أحمد والترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له ".
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب
وعثمان بن عفان وعبْد الله بن عمر وغيرهم، وهو قول الفقهاء من التابعين، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق1.
ب- روى ابن ماجة قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصري حدثنا أبي قال: سمعت الليث بن سعد يقول قال لي أبو مصعب مشرح بن عاهان قال عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بالتيس المستعار، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له " 2.
وفي إسناده عثمان بن صالح ومشرح بن عاهان، وقد أنكروا على عثمان تفرده بروايته عن الليث وليس بالمشهور من أصحابه، كما ضعف بعضهم مشرح بن عاهان، وهذا طعن مردود، فإن عثمان بن صالح هذا ثقة روى عنه البخاري في صحيحه، وروى عنه ابن معين وأبو حاتم الرازي وقال: " شيخ صالح سليم الناحية "، قيل له: " كان يلقن "، قال: " لا "، ومن كان بهذه المثابة ما يتفرد به حجة، وإنما الشاذ ما خالف به الثقات لا ما انفرد به عنهم فكيف إذا تابعه مثل أبي صالح وهو كاتب الليث وأكثر الناس حديثا عنه وهو ثقة أيضا وإن كان وقع في حديثه بعض غلط، وأما مشرح بن عاهان فقال فيه ابن معين: " ثقة "، وقال الإمام أحمد: " هو معروف "، فثبت أن هذا الحديث جيد وإسناده حسن3.
قال ابن القيم بعد سرد روايات الصحابة الأربعة علي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي هريرة وعقبة بن عامر رضي الله عنهم أجمعين، في تحريم هذا النكاح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولعن فاعله، فهؤلاء الأربعة من سادات الصحابة قد شهدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعنة أصحاب التحليل، وهم المحلل والمحلل له، وهذا إما خبر عن الله فهو خبر صدق، وإما
__________
1 الفتح الرباني جـ 16ص 194، سنن الترمذي جـ 3 ص 429.
2 سنن ابن ماجه جـ 1 ص 622.
3 بتصرف واختصار ودقة من الفتاوى الكبرى جـ 3 ص 277-278.

الصفحة 134