كتاب الحيل

من أهل القرية بغير علمه ولا علمها، فأخرج شيئا من ماله فتزوجها ليحللها له، فقال: لا، ثم ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مثل ذلك فقال: " لا حتى ينكحها مرتغبا لنفسه، حتى يتزوجها مرتغبا لنفسه، فإذا فعل ذلك لم تحل له حتى تذوق العسيلة "، وهذا المرسل حجة، لأن الذي أرسله احتج به، ولولا ثبوته عنده لما جاز أن يحتج به من غير أن يسنده … "1. هذا وقد ساق شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى جملة من أحاديث التحليل وجمعا طرفا منها ومن الآثار الواردة عن الصحابة في تحريم نكاح التحليل فليتأمل فهو مفيد سديد وقد ضربا فيه بسهم وافر من التشديد والتشنيع وإيضاح صوره2.
وجملة القول أن نكاح التحليل محرم باطل بأدلة الشرع المتضافرة والعلة فيه ظاهرة وهو أنه حيلة على ارتكاب محارم الله بشتى صوره وأضربه الثلاث وهي:
1- أن يتزوجها بقصد الإحلال للأول من غير أن يكون هناك مواطأة عرفية أو لفظية.
2- أن يتزوجها بقصد الإحلال للأول مع المواطأة اللفظية في صلب العقد أو قبله.
3- أن يتزوجها بقصد الإحلال للأول من غير أن يحصل بينهما اشتراط على ذلك لفظا لا متقدما ولا مقارنا للعقد بل يدل الحال وتقوم القرائن على ذلك فهذا قائم مقام الاشتراط اللفظي.
5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة " رواه أحمد والبخاري ضمن حديث طويل كتبه أبو بكر رضي الله عنه إلى أنس حين وجهه إلى البحرين3.
قلت: هذا الحديث اختلف العلماء في تفسيره على ثلاثة أقوال:
القول الأول: ذهب مالك إلى أن معناه أن يكون للنفر الثلاثة لكل واحد منهم أربعون شاة وجبت فيها الزكاة ثلاث شياة على كل واحد منهم شاة فيجمعونها حتى لا يجب عليهم كلهم فيها إلا شاة واحدة، أو يكون للخلطين مائتا شاة وشاتان فيكون عليها ثلاث شياة فيفرقونها حتى لا يكون على كل واحد منهما إلا شاة واحدة، فنهى عن ذلك، وعليه فهو خطاب للمالك4.
__________
1 الفتاوى الكبرى جـ 3 ص 324.
2 انظر الفتاوى الكبرى المجلد الثالث، وأعلام الموقعين أيضا المجلد الثالث، وإغاثة اللهفان المجلد الأول.
3 الفتح الرباني جـ 7 ص 208، وصحيح البخاري جـ2 ص 124.
4 انظر عمدة القاري شرح صحيح البخاري جـ 9 ص 10، فتح القدير جـ 1ص 496.

الصفحة 136