كتاب أطيب النشر في تفسير الوصايا العشر (اسم الجزء: 71-72)

أخبرنا مخلد بن خالد بن مالك1، أخبرنا النضر بن شميل2، عن ابن عون3، عن ابن سيرين4 قال:
"كانوا5يرون أنه على الطريق ما كان على الأثر"6. ولا ريب أن الأثر المذكور هو شرع الله عز وجل الذي جاء به نبي الهدى والرحمة وهو صراط الله المستقيم الذي سار عليه معلمو الإنسانية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتجدر بنا الإشارة – ونحن نختم هذه الجولة من معايشة آيات من كتاب الله - أن نذكر القارئ الكريم بأن الآية فيها من الأمور التي تظهر للمتأمل ما يلي:
1- إن الله عز وجل قد جمع في هذه الوصية بين الأمر باتباع سبيل الحق، والنهي عن سبيل الضلال المقابلة له.
2- أنه عزوجل كرر لفظ الوصية في هذه الآية فقال: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} (الأنعام: من الآية151) لمزيد التوكيد والاهتمام بها، فيا لها من وصية عظم الله شأنها، وقوى برهانها، وجعلها نورا لمن عمل بها، وحجة على من لم يستظل بظلها.
3- في الآية الكريمة التنبيه على أن كل ما كان حقاً فهو واحد، ولا يلزم منه أن يقال: إن كل ما كان واحدا فهو حق، فإذا كان الحق واحداً، كان كل ما سواه باطلا، وما سوى الحق أشياء كثيرة، فيجب الحكم بأن كل كثير باطل، ولكن لا يلزم أن يكون كل باطل كثير7.
4- الأمر بلزوم جماعة المسلمين لأن اتباع صراط الله المستقيم يستلزم ذلك.
5- النهي عن الفرقة والإختلاف، فقوله: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} (الأنعام: من الآية153) دال على ذلك ويؤيده قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِه}
__________
1 هكذا في النسختين ولم أقف عليه ولعل الصواب مخلد بن مالك الجمال، فهو شيخ الدارمي، وتلميذ النضر، ثقة مات سنة إحدى وأربعين ومائتين.
2 ثقة، ثبت، مات سنة أربع ومائتين.
3 عبد الله بن عون بن أرطبان، ثقة، ثبت، مات سنة خمسين ومائة.
4 محمد بن سيرين، ثقة، ثبت، عابد، مات سنة عشر ومائة.
5 أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. (يرون أنه) يعني المسلم يكون على طريق الحق ما دام يلتزم بالأثر.
6 أخرجه الدارمي السنن 1/50.
7 الرازي 3/14. وانظر تعليق أحمد شاكر رحمه الله عمدة التفسير 5/22.

الصفحة 36