كتاب أطيب النشر في تفسير الوصايا العشر (اسم الجزء: 71-72)

نظرة لما يحل وما يحرم، فلسان حال الكثيرين اليوم يقول: إن الغاية تبرر الوسيلة، وإذا كنا نتحدث عما حل بالمسلمين اليوم وقلوبنا تنزف أسى وحسرة، لا نملك إلا أن نصرخ بالصوت العالي الجهور، ونقول: أيها المسلمون عودوا إلى كتاب ربكم لتعود عزتكم فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين1، عودوا إلى سنة نبيكم تعود لكم استقامتكم وتتحقق سلامتكم قال أبوداود رحمه الله: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا الوليد بن مسلم2، حدثنا ثور بن يزيد قال: حدثني خالد بن معدان قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي3، وحجر بن حجر4 قالا: أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} 5 فسلمنا وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال العرباض: "صلى بنا رسوله الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله؛ كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال:
"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً6، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء7 المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ8، وإياكم ومحدثات9 الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" 10. فكما أرشدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى التمسك بسنته أمرنا الله عز وجل بأخذ كل ما أمر به صلى الله عليه وسلم، وترك كل ما نهى عنه قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} 11 وحذر جل شأنه من مخالفة نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِه
__________
1 إقرأ الآية 8 من (سورة المنافقين) .
2 ثقة، كثير التدليس، ولا يضر هنا لأنه صرح بالتحديث.
3 مقبول مات سنة عشر ومائة.
4 مقبول أيضاً.
5 الآية 192 التوبة.
6 أي وإن ولي عليكم عبد حبشي. ففيه الأمر بطاعة ولي الأمر ما أقام الدين وحكم بالشريعة.
7 هم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم أجمعين وعن كافة أصحاب رسوله الكريم.
8 النواجذ أقصى الأضراس، أو هي الأنياب، أو التي تلي الأنياب، أو هي الأضراس كلها. (ترتيب القاموس 4/327) .
9 جمع محدثة- بالفتح- وهي ما لم يكن معروفاً في كتاب ولا سنة ولا إجماع. (النهاية 1/ 351) .
10 سنن أبى داود 5/13 وأخرجه الترمذي من طريق أخرى عن خالد وقال: هذا حديث حسن صحيح (الجامع 5/ 44) .
11 الآية 7 الحشر.

الصفحة 38