كتاب أطيب النشر في تفسير الوصايا العشر (اسم الجزء: 71-72)

عليك بدين الأعراب والغلام في الكتاب1، وأله عما سوى ذلك. قال الدارمي رحمه الله:
حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن2 قال: حدثنا أسد بن موسى3 قال: حدثنا حماد ابن دليل4 قال: سمعت سفيان الثوري5 يحدثنا عن النضر. ورواه أبو داود أيضا بالسند العالي قال: حدثنا محمد بن كثير6 قال: حدثنا سفيان قال: "كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القَدَر، فكتب7؛ أوصيك بتقوى الله والاقتصاد8 في أمره، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وترك ما أحدث المحدثون، بعد ما جرت به سنته، وكفوا مئونته، فعليك بلزوم السنة فإنها لك - بإذن الله - عصمة، ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعة إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها9، أو عبرة فيها، فإن السنة إنما سنها من قد علم10 ما في خلافها من الخطأ، والزلل والحمق والتعمق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم على علم وقفوا، وببصر نافذ كَفّوا11، وهم على كشف الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه12 لقد سبقتموهم إليه، ولئن قلتم: - إنما حدث بعدهم - (فـ) ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم، فإنهم هم السابقون، فقد تكلموا فيه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم من مَقْصِر13، وما فوقهم من مجسر14، وقد قصر قوم دونهم فجفوا، وطمح15 عنهم أقوام فعلوا، وإنهم بين
__________
1 يريد به من كانوا على الفطرة تقبل قلتم الحق وفي ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة ".
2 صاحب الشافعي، ثقة، مات سنة سبعين ومائتين.
3 صدوق يغرب، وفيه نصب، مات سنة اثنتين عشرة ومائتين.
4 صدوق، نقموا عليه الرأي.
5 الإمام، الحجة.
6 العبدي، ثقة، مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
7 عمر بن عبد العزيز رحمه الله وهو الخليفة العادل حتى قيل: إنه خامس الخلفاء الراشدين.
8 المراد أن يكون المرء بين ذلك قواما، فلا يقصر في حق الله عز وجل ولا يغلو فيكون مجانباً للإفراط والتفريط.
9 أي على أنها محدثة وليست من الهدي المحمدي.
10لم يقل محمد بن كثير في روايته: (من قد علم) .
11 أي امتنعوا عما يخالف السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
12 من البدع والأهواء.
13 بفتح الميم، وسكون القاف، وكسر الصاد، أي لا يرضى المسلم بأقل مما وصلوا إليه من الفضل تقول: رضي بمقصر مما كان يحاول، دون ما طلب. (انظر اللسان 5/98) . وفي نظري أن الدعاس أخطأ في تعليقه على هذه اللفظة.
14 الذي في السنن ((محسر)) وفي نظري أنه خطأ صوابه ما أثبت أعلاه، من الجسارة أي لا يتطاول عليهم ويطلب المزيد على ما جاؤا به فإنهم أكرم الناس بعد رسول الله وأكمل الناس بعده صلى الله عليه وسلم. (انظر اللسان 4/136) .
15 أي أبعدوا في طلب المزيد على ما جاء عن الصحابة فوقعوا في الغلو انظر (الصحاح2/48) .

الصفحة 42