كتاب الحيل
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، ورضي الله عن الصحابة والتابعين وعمن تبع نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الفقه درة الإسلام، وثروة أمة الإيمان، ولا يعرف قدره إلا أهله، وهو ذروة سنام العلوم، وتاج العلماء، من حصل عليه وعمل به فقد أخذ بحظي الدنيا والآخرة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " 1، وناهيك بقوله لابن عباس: " اللهم فقهه في الدين"2.
والفقه يحتوي على قواعد كلية ترد إليه جزئيات كثيرة من مسائل الفقه، ويحتوي على مسائل متناثرة، وبه من دقيق المسائل وعويصها ما يعرفه أهل الفقه والفضل، ولقد عنى به الفقهاء عناية فائقة ففتقوا مسائله، وخرجوها على أصول أصحابهم، وفرضوا فرضيات وقع بعضها، وسيقع البعض الآخر، لأن الحوادث لا تتناهى، نظراً لاتساع دائرة الحياة، وتمدن البشر، واتساع مداركهم واختراعاتهم.
ومن مسائل الفقه التي تعد من أدقه فهماً مسائل الحيل، لا أستبق الأحداث، ولكنني إن شاء الله سأسلط الضوء عليها بتوضيح غامضها، وكشف حقائقها.
__________
1 صحيح البخاري جـ 9ص110.
2 صحيح البخاري جـ1ص42.
الصفحة 97
200