كتاب ألفية ابن مالك منهجها وشروحها (اسم الجزء: 73-74)

إن لم يكن مندوباً، أو مضمرا، أو مستغاثا، أو اسم جنس، أو اسم إشارة؛ لأن الندبة تقتضي الإطالة ومدَّ الصوت، فحذف حرف النداء فيها غير مناسب، وهكذا الاستغاثة؛ فإن الباعث عليها هو شدة الحاجة إلى الغوث والنصرة، فتقتضي مَدّ الصوت، ورفعه، حرصا على الإبلاغ، وحرف النداء معين على ذلك، وأما المضمر، فلا يحذف منه حرف النداء؛ لأنه لو حذف فاتت الدلالة على النداء؛ لأن الدال عليه هو حرفُ النداء، وتضمُّنُ المنادى معنى الخطاب، فلو حذف الحرف من المنادى المضمر بقي الخطاب، وهو فيه غير صالح للدلالة على إرادة النداء؛ لأن دلالته على الخطاب وضعية لا تفارقه بحال،، وأما اسم الجنس، واسم الإشارة، فلا يحذف منهما حرف النداء إلا فيما ندر من نحو قولهم: "أصبحْ ليلُ، وأطرقْ كرا، وافتد مخنوقُ"، وقوله في الحديث: "ثوبي حَجَرُ"، وقول الله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} وذلك لأن حرف النداء في اسم الجنس كالعوض من أداة التعريف، فحقه ألا يحذف، كما لم تحذف الأداة، واسم الإشارة في معنى اسم الجنس، فجرى مجراه، وعند الكوفيين أن حذف حرف النداء من اسم الجنس والمشار له قياس مطرد، والبصريون يقصرونه على السماع. وقول الشيخ: "ومن يمنعه فانصر عاذله" يوهم اختيار مذهب الكوفيين، هذا إذا لم يحمل المنع على عدم قبول ما جاء من ذلك"i.
وقد طبعت "الدُرّة المضيّة " في ليبسيك (Leipzig) بألمانيا سنة 1866م، وفي القاهرة سنة 1342هـ، كما طبعت في بيروت بتحقيق الشيخ محمد بن سليم اللبابيدي، مرتين: الأولى بمطبعة القديس جاورجيوس سنة 1313هـ في 356 صفحة من القطع المتوسط، والثانية بالتصوير عن الأولى، وأخرجته منشورات خسرو ببيروت، منذ عهد قريب. وغمرت به المكتبات.
و"الدرة المضية" أول شرح للألفية عرفته المكتبة، ومن ثمة لا تنصرف كلمة "الشارح" إذا أطلقت في شروح الألفية إلا إلى بدر الدين بن مالك، كما لا تنصرف كلمة "الشرح" إلا إلى " الدرة المضية".
وقد ترجمت "الدرة المضية" إلى اللغة الفارسية بطهرانii.
__________
i شرح ابن الناظم ص220.
iiبروكلمان ج5 ص 278، والترجمة الفارسية بطهران: سبه سالار 2/ 335-337.

الصفحة 175