كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

فى أبي العلاء حذوك النعل بالنعل وليس لهذا حقيقة كما بينت ذلك في كتابي عن المتنبي وإنما هو إرادة الاستخفاف لا غير.
أما مسألة الراهب فلها عندنا شبيه قديم ففى كتاب مذكور عندنا رآه البيروني ونقل عنه وهي رسالة عبد الله بن إسماعيل الهاشمي إلى عبد المسيح ابن إسحاق الكندي ورده عليها وهي مطبوعة بمصر طبعات وطبعت أيضا مرات (في لندن المحروسة!! سنة 1885 مسيحية)، ذكر عبد المسيح أولية أمر رسول الله صلى الله عليه وسل فيما زعم أنه كان رجل من رهبان النصارى يعرف بسرجيوس، أحدث حدثا أنكره عليه أصحابه فحرموه وأخرجوه وقطعوه عن الدخول إلى الكنيسة وامتنعوا من كلامه ومخاطبته على ما جرت به العادة منهم في مثل هذا الضرب فندم على ما كان منه فأراد أن يفعل فعلا يكون له به تمحيص عن ذنبه وحجة عند أصحابه النصارى فصار إلى بلد تهامة فجالها حتى أفضى إلى تربة مكةفنظر البلد غالبا فيه صنفان من الديانة فكان الأكثر دين اليهود والآخر عباد الأصنام فلم يزل يتلطف ويحتال بصاحبك أي رسول الله بأبي هو وأمي حتى استماله وتسمى عنده نسطوريوس وذلك أنه أراد بتغيير اسمه إثبات رأي نسطوريوس الذي كان يعتقده ويتدين به فلم يزل يخلو به ويكثر مجالسته ومحادثته ويلقي إليه الشيء بعد الشيء إلى أن أزاله عن عبادة الأصنام ثم صيره داعيا وتلميذا له يدعو إلى دين نسطوريوس ... إلى آخر هذه الشنشنة التي يطول الشنشة نقلها، (والشنشنة، الطبيعة والعادة)، والمَخْرَقة السخيفة التي لا تنقضي عجائبها!!
ومن قبل هذا ما قالت قريش بمكة وكان فيها نصراني أعجمي اللسان ربما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه وجالسا فكان المشركون يقولون إنما يعلمه هذا النصراني فأنزل الله في كتابه في سورة النحل {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103].
فهذه الشنشنة التي نعرفها من كفار قريش، ومن عبد المسيح الكندي، ومن

الصفحة 102