كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

الأصفهاني باتخاذ راهب من الرهبان أو متفلسف ضال محورا تحاك حوله قصة هي الشنشنة التي ورثها علج الشام أو زاقول الجزيرة حين أراد النيل من شيخ المعرة وثلبه فابتلى راهب دير الفاروس بما لا أظنه كان يحسن منه شيئا فضلا عن أن يشدو منه طرفا ثم لا أظن أن حاله مع أمثال أبي عليّ الحسن الغزي الشاعر العابث أو مع مطران اللاذقية صاحب الخاتم المبذول للبغايا كان يتيح له وقتا يتفرغ فيه لتلاوة هوميروس وأرسطوفانيس ولوسيان فضلا عن تعليم فتى عربي مسلم أعمى لغة اليونان القديمة وتعلمها يحتاج إلى دهر طويل لا يقل عن عشرة أعوام بأيامها ولياليها!!
وكل خسيس العقل مستطيع أن يكذب على الناس ويلفق عنهم الأخبار وقادر أيضا أن يقول ما شاء كما يشاء متى شاء بلا حسيب ولا رقيب ومع ذلك فإني أجد هذا العلج أو ذاك الزاقول أخف الجميع دما وعقلا وإن كان كذبه قد كلفني المشقة في تتبع أخبار شيخ المعرة مع تزاحم العمل وكثرة الشواغل.
والآن، وقد فرغت من مدراسة حديث راهب دبير الفاروس أطرحه هو أيضا جانبا لأنه حديث لا خير فيه ولأنه خبيث المخرج خبيث المعنى خبيث الموارد والمصادر ورحم الله شيخ المعرة كأنه كان يعني هذا الذي نحن فيه إذ يقول:
يا كاذبا لا يجوز زائفه ... وما عليه من فِضَّةٍ وَضَحُ
كشفت عما تقول مجتهدا ... لعل حقا لطالب يَضِحُ
فكلما هذبتك تجربة ... أنشأت للباحثين تفتضحُ
وكفى بالفضيحة عارا لمن يعقل! (والعرض مستمر).

الصفحة 103