كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

- 6 -
كنت أن أتوقع أن تبادر صحيفة الأهرام إلى البراءة مما نشر في صفحاتها الأدبية تسعة أسابيع متواليات بتوقيع لويس عوض وهو الشيء الذي سماه بحثا يتنأول رسالة الغفران لشيخ المعرة وأحب أن أجعل الأمر واضحا من جميع نواحيه.
وقبل كل شيء فمنزلة صحيفة الأهرام في حياة الأم العربية ثم الأمة الإسلامية وهما جميعا ثمانئمة مليون منزلة عظيمة جدا وعظيمة الأثر في حياتنا منذ الطفولة إلى أن نصير رجالا قادرين على النظر والإدراك وسياسة الأمم وهذا الأثر يزداد اليوم اتساعا وسيزداد على مر السنين يوم تنهار الحواجز التي فرضت علينا في القرون الأخيرة ففصلت بين شعوب العرب وشعوب الإسلام وحصرت لغة العرب في دائرة ضيقة في داخل الشعوب العربية بالجهل وضعف التعليم وفي داخل الشعوب الإسلامية بالجهل وضعف التعليم أيضا وبالنكبة الكبرى في محاربة لسان العرب وإحلاله في المحل الثاني أو الثالث أو الرابع زكان هو اللسان الأول فيها مع احتفاظ كل أمة من هذه الأمم بلغتها الأم في بعض الأحيان ولا شك أن ذلك كائن إن شاء الله كما كان وعلى العرب اليوم أن يحملوا العبء كله لإعادة ما كان كما كان وإلا لم يكن هناك معنى لدعوتنا إلى توحيد العرب أمة واحدة وليس لها لغة تسود أرضها وتسود الأرض التي تشاركها منذ قرون طوال في العقيدة وكانت أيضا تشاركها اللسان وتعده لسانها الأول بلا ضغينة وبلا تململ وبلا إنكار لا بل تعد تاريخ العرب تاريخها قبل كل تاريخ لها ماض أو حاضر وتنافح عنه كل المنافحة إلى هذا اليوم الذي نحن فيه مع ما لحق هذه الشعوب من فساد التكوين السياسي بفعل العدو الماكر المستولى على ثروات الأمم وعقولها وأهوائها بخداعة وغشه وسيطرته الباغية ثم بإحلال لسانه محل اللسان العربي وجعله هو اللسان الأول فيها بوسائل خبيثة جدا ليس هذا مكان بيانها.

الصفحة 107