التدمير الفظيع الذي يروثه إياه الزلزال الأكبر هذا مع فقدان القدرة على بناء ما تهدم في نفسه ثم ينطلق على ذلك فيكبر ويصلب عوده ولكنه يبقى بناء متهدما في داخله لا يستقيم له رأي ولا نظر ولا إدراك فإذا تولى أمرا فإنما يتولاه ليتلفاه ويدمره من حيث يدري ولا يدري وتدور الدائرة!
وتسألني: أكل هذا تقوله من جراء تسع مقالات كتبها كاتب عن رسالة الغفران وشيخ المعرة فأقول نعم بلا لجلجلة ولا ارتياب وأحب أن أجعل الأمر واضحا مرة أخرى وإن كان يؤسفني أن يكون الأمر الواقع قد ألجاني إلى بيان هذه المبادئ التي تعد من أوائل ما ينبغي أن يعرفه عامة الناس فضلا عن خاصتهم فالأهرام وغير الأهران إذا ألحق بابا للأدب أو الفن أو الطب أو ما شئت فإن بديهة العقل تقضي بأن يكون مرادها من ذلك أن تيسر لأكبر جمهرة من الناس المشاركة في بعض ذلك فيقرؤها الدارس ليجد فيما يقرأ رأيا حسنا أو متاعا صالحا أو دراسة ربما نفعته أو ذكرته أو زادته قدرة على تبين وجوه اختلاف الرأي كيف تكون ومن أين اتشأ ثم يقرؤها سائر التاس ليزدادوا معرفة وفهما وحسن إدراك ولتزداد نفوسهم وقلوبهم وعقولهم صقلا وقدرة على التذوق لأن كل حضارة بالغة تفقد دقة التذوق تفقد معها أسباب بقائها والتذوق ليس قواما للآداب والفنون وحدها بل هو أيضا قوام لكل علم وصناعة على اختلاف بابات ذلك كله وتباين أنواعه وضروبه وكل حضارة نامية تريد أن تفرض وجودها وتبلغ تمام تكوينها إذا لم تستقل بتذوق حساس حاد نافذ تختص به وتنفرد لم يكن لإرادتها في فرض وجودها معنى يعقل بل تكاد هذه الإرادة أن تكون ضربا من التوهم والأخلام لا خير فيه فحسن التذوق يعني سلامة العقل والنفس والقلب من الآفات فهو لبالحضارة وقوامها لأنه أيضا قوام افنسان العاقل المدرك الذي تقوم به الحضارة وهذا شيء لا بكاد يختلف عليه اثنان فيما أظن فإذا أختل هذا الميزتان في باب من أبواب الصحيفة بطلت الحجة التي من أجلها أنشئ وكان إلغاؤه خيرا من بقائه وأنفع.
ولكي أزيد الأمر وضوحا وبيانا وهذا أمر مؤسف أيضا، أفترض أن الصحيفة