كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

- 7 -
عندما شرعت أعد هذه الكلمة قضيت أياما أطوف بذاكرتي فيما قرأت وأراجع ما قيدت فأفنيت وقتا طويلا في حشد مادة الكتابة ثم وقع إلى كتاب لم أكن سمعت به فلما بدأت أقرؤه وجدتني قد أضعت أيامي هباء لأنه لو كان في يدي قبل ذلك لأغناني عن بحث طويل وتنقيب مضن فلم أستحل لنفسي أن أعود إلى قضية الأكاذيب الملفقة حتى أنصف ساحبته ما استطعت جاء هذا الكتاب كأنه تقريع لي ولكل من نصب نفسه لعلاج المسائل العامة في حياة الشعب العربي والإسلامي لأننا عشنا دهرا في موج متلاطم ثم لم يكن لنا من الحكمة والعقل ما يدفعنا إلى تقييد ما يجري في زماننا على ترتيب تاريخي متصل فيكون ذلك معوانا لنا على جلاء الصورة التي عشناها أو التي نعيشها في ضوء مبين عن حقيقتها وتلافيفها وتعاريجها وخفاياها وهذه هي النكبة التي نكبنا بها وأنا أشهد على نفسي على الأقل أني قصرت في ذلك تقصيرا معيبا إذ شغلتني نفسي عن تتبع كثي ر من الحائق وتقييدها فلما جئت أطلبها وقعت في المآزق حتى جاء كتاب "تاريخ الدعوة إلى اللغة العامية وآثارها في مصر"، فأنقذني مما تورطت فيه. وهذا الكتاب النفيس من تأليف الدكتورة نفوسة زكريا سعيد المدرسة بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية (الطبعة الأولى 1384 هجرية / 1964 م) والجهد المبذول في جمع مادة هذا الكتاب جهد يدل على التجرد الصحيح السليم في طلب المعرفة وعلى الصدق في السعي إلى الحقيقة وعلى النفاذ في إدراك الحقائق وعلى الصبر في معاناة التنقيب بلا كلال ولا ملل. ولا أظنني قرأت منذ سنوات طوال كتابا يتنأول المسائل العامة في حياتنا الحديثة بذل فيه صاحبه من الوقت والجهد والأناة ما بذلت الدكتورة نفوسة في كتابها هذا. ولا أظنني قرأت أيضا في هذا الدهر كتابا ينبغي لكل عربي وكل مسلم أن

الصفحة 125