بعضه ليقيم به صلاته وتداخلت لغته في اللغات وتحولت خطوط الأمم إلى الخط الذي يكتب به هذا الكتاب كالهند وجزائر الهند وفارس وسائر من دان بالإسلام فكان عجبا أن لا يكون في الأرض كتاب كانت له هذه القوة الخارقة في تحويل البشر إلى اتجاه واحد متسق على اختلاف الأجناس والألوان والألسنة فمنذ ذلك العهد ظهر الاستشراق لدراسة أحوال هذا العالم الفسيح الذي سوف تتصدى له أوروبا المسيحية بعد يقظتها وعلى حين عفوة رانت عى هذا العالم الإسلامي فكان من أول هم الاستشراق أن يبحث لأوروبا الناهضة عن سلاح غير أسلحة القتال لتخوض المعركة مع هذا الكتاب الذي سيطر على الأمم المختلفة الأجناس والألوان والألسنة وجعلها أمة واحدة تعد العربية لسانها وتعد تاريخ العرب تاريخها وبدأ الغزو المسلح وسار الاستشراق تحت رأيته وزادت الخبرة بهذه الأمم فمن كان منها له لسان غير اللسان العربي أعدت له سياسة جديدة لإغراقه في لسان الغازي الأوروبي حتى يسيطر عليه ومن كان لسانه عربية أعدت له سياسة أخرى لإغراقه في تخلف مميت لخصها وليم جيفورد بلجراف في كلمته المشهورة:
متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا أن نرى العرب يتدرج في سبيل الحضارة يعني الحضارة المسيحية التي لم يبعده عنها إلا محمد وكتابه فكان بينا أنه لا يمكن أن يتوارى القرآن حتى تتوارى لغته.
وتبين لهم أن لا وسيلة إلى إقصاء القرآن في الأرض إلا بالسيطرة على وسائل التعليم شيئا فشيئا حتى لا تتمكن الأمة من السيطرة عليه فتقيمه على طريق سوي يفضي إلى نهضة صحصة وكان من قدر الله أن منارة العالم الإسلامي كله كانت في مصر وهي الأزهر فصار من الحتم المقطوع به أن تكون سياسة الغزو الأوروبي موجها إلى مصر قبل كل مكان في هذا العالم الإسلامي فمن أجل ذلك كانت حملة نابليون سنة 1213 من الهجرة 1798 م ولكنه لم يلبث بها إلا قليلا ثم رحل وبعد قليل أيضا صار أمر مصر إلى محمد عليّ سنة 1220 من الهجرة (1805 م) فمن خلال حكمة سيطرت القناصل الأوروبية على مرافق البلاد ومنها