كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

ولكن لم يمض غير قليل حتى أنشئت المدارس الإبتدائية اتي كانت قد ألغيت في عهد محمد عي فصارت نحو ثلاثين مدرسة فيما بين سنة 1863 - 1879 فاحتجت إلتى عدد وافر من أستذة اللغة والآدب هذا فضلا عن المدارس الثانوية على قلتها يومئذ ولكنها مقبلة على الزيادة فأنشئت مدرسة دار العلوم سنة 1872 أي قبل وفاة رفاعة الطهطاوي بعام واحجد فتولى التدريس قيها رجل من عظماء رجال الأحياء هو الشيخ حسين المورصفي فكان له أثر عظيم في إحياء اللغة وآدابها وألف كتابه الوسيلة الأدبية فكان له فضل عظيم جدا على كل من تخرج في دار العلوم واقترن وجود المرصفي بظهور شاعر فذ نقل اللغة يومئذ من حال إلى حال فأسقط عن الهمم تلك الأغلال التي كانت تمسكها إلى الأرض وقعدها بالعجز عن توهم إدراك الأوائل في نصاعة العبارة وتجويد الشعر وهو الإمام الأول محمود سامي البارودي المولود سنة 1840 وظهر اسمه وشعره في نحو هذا الوقت أي 1870 وبدأت العربية من يومئذ تستعيد شبابها وقوتها وانطلقت الألسنة من عقال العجز بفضل هذين الرجلين.
ولكن أنَّى للعين الساهرة أن تغفل عن عواقب ما ترى من حركة الأحياء كان كثير من أهل الحل والعقد منذ عهد محمد عليّ ممن درس بغير اللسان العربي وله أصل غير عربي ونمو في بيئة غير عربية يزدري العربية أو لا يلقي لها بالا زلأنهم أصحاب سلطان كان كثير من صغار الموظفين وأشباههم يحاكيهم ويتشبه بهم ويتراطن كتراطنهم فرأى أحد رجال الحرب القفافية الخفية أو الوقت قد حان وأن لابد من الإسراع في بث الدعوة التي تعوق حركة الأحياء أو تشتت بعض الجهود وعسى لعل أن يكون لها أثر هذا مع ظهور بوادر الثورة على حكم أسرة محمد عليّ وتجمع القوى تحت قيادة أحمد عرابي لنفض هذا الكابوس المطبق على صدر مصر وأهلها فإذا زال حكم هذه الأسرة وأتباعها وأفضى الأمر إلى أهل البلاد فربما اشتعلت حركة الأحياء في كل قرية وبلد ومدينة وعندئذ يذهب أيضا كل ما يدبر أدراج الرياح.
كان يقبع بين جدران دار الكتب المصرية ماكر خبيث يقال له "ولهلم سبيتا"،

الصفحة 131