كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

وبإلقاء المقتطف هذه القنبلة سنة 1881 بدأت كلمات سبيتا تأخذ طريقها إلى بعض الناس وقام الشيخ خليل اليازجي وهو لبناني نصراني فدفع ما قاله أسحاب المقتطف دفعا قويا شديدا.
وهو كلام عاقل لا هوى له ولكن أبد رأي المقتطف بعض الناس بيد أن الأمر كله لم يخرج عن هذا النطاق الضيق وشغل الناس بالنكبة الكبرى بهزيمة عرابي ودخول الإنجليزواستلائهم على التعليم كله وجعلوه ملحقا بوزارة الأشغال العمومية!!!
ولكن هل هدأ الأمر وانتهى كلا فقد كان أيضا في مصر كارل فولرس الألماني حادم الإنجليز وويلككس المهندس المبشر الإنجليزي وبدأ كل منهما حركة منفصلة ولكنها متصلة المعاني فألف فولرس كتابا في اللهجة العامية الحديثة في مصر سنة 1890 قثم تولى ترجمته في سنة 1895 إلى الإنجليزية بوركيت وألح على ما ألح عليه سبيتا من صفة العربية الفصحى بالجمود والصعوبة وشبهها باللاتينية وشبه العامية بالإيطالية.
أما ويلككس فألقى محاضرة ونشرها في مجلة الأزهر التي آلت إليه سنة 1893 وزعم فيها أن الذي عاق المصريين عن الاختراع هو كتابتهم بالفصحى ودعا إلى التأليف بالعامية وقال للناس:
وما أوقفني هذا الموقف إلا حبي لخدمة الإنسانية ورغبتي في انتشار المعارف وما أجده في نفسي من الميل إليكم الدال على ميلكم إليّ".
وهذا كلام ثقيل الدم جدا كوعظ المبشرين، وهو منهم وهذا الغبي أيضا جاء بتشبيهات جديدة في مقالته فشبه الفصحى باللاتينية والعامة بالإنجليزية وهذه براعة خارقة وزعم أن اللغة الفصحى ماتت لأنها صعبة وجامدة ودعا إلى اتخاذ العامية لغة أدبية اقتداء بالإنجليز ولا أستطيع أن أكتم اشمئزازي لأني منذ كنت صغيرا إلى هذا اليوم لا أكاد أقرأ كلام هذا الرجل إلا لحقني العثيان من ثقله الذي

الصفحة 134