كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

لا مثيل له في شيء من الأشياء مهما استقذرتها التفس ومن أشد عثاثته وثقله في هذا الأمر أنه نشر في مجلة الأزهر حيث نشر محاضرته إعلانا يغري فيه باتخاذ العامية في الكتابة هذا نصه:
ومن قدم لنا هذه الخطبة باللغة الدراجة المصرية وكانت موافقة جدا يكافا بإعطائه أربع جنيهات إفرنكية وإن كثر المتقدمون فيعطي هذا المبلغ لمن يحوز الأولية وأنا أستحلف القارئ ألم يشعر بالغثيان من هذا المبشر الصفيق الوجه!
وكانت هذه الدعوة إلى العامية مؤقتة أيضا فإن هذا الوقت قد صادف نهضة حسنة في طبع كتب التراث العربي في مصر وفي غير مصر وأقبل كثير من المتعلمين عليها وصادف أيضا استيلاء دنلوب على التعليم في مصر ووضعه النظام الذي أراد به أن يغلب اللغة الإنجليزية في التعليم ويضعف ندريس العربية ما استطاع ويجعلها مبغضة إلى الطلبة محتقرة بقدر الإمكان ومع الأسف هذا هو النظام السائد إلى اليوم في مدارسنا مع أنه هو نظام دنلوب ولا نظام لدنلوب سواه) (1). ففرض دنلوب تعليم العلوم كلها بالإنجليزية واختصر دراسة العربية وما يتصل بها اختصارا سوف يؤدي بعد قليل إلى وجوب استمرار ضعف تعليم العربية جيلا بعد جيل وصادف مرة أخرى بدء ظهور الشعور الوطني في الشبان الذين صدمهم الاحتلال الإنجليزي والذين يمثلهم مصطفى كامل وبدأت حركات إصلاح مضادة لما يفعله الإنجليز فأثر هذا المبشر أن يلقي بدعوته ليكون ذلك أوقع لها وأشد إثارة ليلبلة ضعاف النفوس وطالبي التقرب وذوي الميل الطبيعي إلى ويلككس وأشباهه انظر دنلوب ص 140
وكانت الحركة الأدبية في ذلك الوقت آخذة في النمو برغم جميع العوائق التي تعترض سبيلها وكانت المدارس التي يملك دنلوب زمامها ترغم أسلوبه على
__________
(1) انظر ما سيأتي في خلال المقالة الحادية عشر، ثم آخر مقالة في هذا الكتاب: "ضفادع في ظلماء الليل ... "، وما معنى "نظام دنلوب" وما هدفه؟

الصفحة 135