التقهقر أحيانا وزاد عدد العائدين إلى الفصحى من الكتاب والشعراء والخطباء والمدرسين وذلك ضرب من مقاومة العدو الباغي الذي يفرض سلطانه على البلاد والظاهر أن الجهات التي تسيطر على سياسة المنطقة أرادت أن تعبث وجها جديدا ليتولى الدعوة إلى العامية وتحقير الفصحى فأخرجت من أحد قضاة المحاكم رجلا يقال له سلدن ولمور فألف هو الآخر كتابا سماه العربية المحلية في مصر سنة 1901 دعا فيه إلى اتخاذ العامية لغة أدبية ويهددنا أننا إذا لم نفعل ذلك فإن لغة الحديث ولغة الأدب ستنقرضان وستحل محلهما لغة أجنبية نتيجة لزيادة الاتصال بالأمم الأوروبية". (1) وهذا الإنجليزي كما ترى محب لمصر مشفق على ضياع العامية والفصحى جميعا وقال ومن الحكمة أن ندع جانبا كل حكم خاطئ وجه إلى العانية وأن نقبلها على أنها اللغة الوحيدة للبلاد على الأقل في الأغراض المدنية التي ليست لها صبغة دينية ولا سيمابعد ما ظن ولمور أنه قد أثبت أن العامية تختلف عن الفصحى تمام الاختلاف وأنها أكبر شبها بقروع اللغات السامية منها بلغة القرآن ولغة الأدب العربي القديم ثم ختم كلامه بأن ير الوسائل لتدعيم اللغة القومية أي العامية هي أن تتخذ الصحف الخطوة الأولى في هذا السبيل ولكنها ستكون في حاجة إلى عون قوى من أصحاب النفوذ فإذا نجحت هذه الحركة فإن وقتا قصيرا في التعليم الإجباري وليكن سنتين سيكون كافيا لنشر القراءة والكتابة في البلاد.
وبالطبع هذا سخف لست بصدد مناقشته ولكن هذا المخادع اتخذ حيلة لطيفة لإقناع حكومة مصطفى فهمي الممالئة لقومه الإنجليز فإنه فرغ من مقدمة كتابه التي حشاها هذا الخلط ثم زعم أنه علم بظهور مقالة لعالم أمريكي في فقه اللغة "يهتم اهتماما كبيرا بخير الشعب المصري"!! وأنه وافقه هو وسبيتا وويلككس!! على وجوب اتخاذ العامية لغة أدبية وكتابتها بحروف لاتينية! وأن
__________
(1) وهذه هي نفس دعوة مفكر آخر، دعا إليها بعد زمان طويل، وهو المفكر!! وهو القاضي أيضا!! عبد العزيز فهمي أحد الكبار الذين ينبغي أن تدرس حياتهم ونفوسهم ونشأتهم دراسة صحيحة، فلكل شئ خبايا خفية مستورة!!