- 8 -
أحب أن أجعل قارئ هذه المقالات على بينة من سياقها، لا شكَّا في قدرته على متابعة ما أكتب بل معاونة له ولنفسي على الإحاطة بتاريه قضية من أعقد القضايا التي ابتلى بها العالم العربي خاصة والعالم الإسلامي عامة ولا تزال حية إلى اليوم بل بلغت عنفوانها في هذه السنين الأخيرة وليس لها شبية في العالم كله حتى في البلاد التي تعد لغتها وكتابة لغتها من أصعب اللغات وأشدها تشعبا كاللغة الصينية مثلا والكشف عن حقيقة هذه القضية وهي قضية العامية والفصحى كشف عن أعظم مؤتمرة خبيثة بدأت خافتة ثم علا صوتها واشتد ضجيجها منذ سنة 1956 بعد العدوان الثلاثي على مصر وبعد ارتداد قوى الشر على أعقابها والمشتركون في القضية بين غافل لا يدري ماذا يقول ولا ماذا يراد به وبين ماكر خبيث يضرم النار في الحطب لتأكل الأخضر واليابس بعد قليل.
فقبل أن أبدأ أول مقالة في الكشف عن أمر لويس هوض حين اتخذ شيخ المعرة ورسالة الغفران أداة لنفث سمومه في صحيفة الأهرام كنت على تمام اليقين من أمر هذا المتدسس إلى أكبر الصحف العربية واتخاذه إياه مسرحا لعرض فصل مفزع شديد الخطر على الغافلين عنه وعن الذين يحركونه كما حركوا من قله دمي كثيرة كان لها أثر بالغ الخطر في حياتنا السياسية والأدبية (1). كان لويس عوض متكشفا لي غاية التكشف كنت أراه عاريا من كل ستر يخفيه وأرى الخيوط التي تحركه وتديره ولكن صحيفة الأهرام التي جعلته مستشارا ثقافيا لمؤسساتها كانت قد لبست على الناس أمره إذا أخرجته من خمول الذكر إلى صيت يسير به حيث
__________
(1) لا يدري المرء هل يأسف أم ييأس، لأن هذا المتدسس إلى جريدة الأهرام، لا يزال يدير المسرح الذي ينفث الخطر من جميع نواحيه، وعلى يده وعلى يد شيعته بعد مضي ست ستنوات على كتابه هذا النذير. (سنة 1971).