ولن يمضي غير زمن قصير حتى يكون الإسلام في حكم مدينة محاطة بالأسلاك الأوروبية.
وتستطيع أن تجد فائدة عظيمة في تتبع تاريخ التعليم الأجنبي في مصر في القرنين التاسع عشر والعشرين في رسالة كتبها الأستاذ جرجس سلامة وإن كان قد نظر إلى هذا الموضوع من غير الوجه الذي ننظر إليه منه ولكنه أقر في مقدمته أن هذا التعليم قد بدأ في مصر لأغراض دينية بحتة وأنه اتجه نحو الاستقلال والعزلة حتى أصبح التعليم الأجنبي دولة داخل الدولة يوجه النشء الوجهة التي يراها ويصبغهم بالصبغة التي يرغبها دون إشراف فعلي من الدولة عليه ويقول أيضا بل بلغ الأمر إلى حد أن اشتملت بعض الكتب المستعملة على معلومات خاطئة مضللة عن مصر ذاتها وكان كل ذلك يدرس لأبنائنا مع انعدام وجود أي توجيه قومي يوجه شبابنا الوجهة الوطنية الصحصة وقال أيضا وزاد من خطورة كل ذلك أن جميع المدارس الأجنبية دون استثناء قد أسهمت بنصيب كبير في إضعاف اللغة العربية ... فهي تلقي في خضم الحياة المصرية كل عام من ينظرون إلى غيرهم من طبقات المتعلمين في المدارس الحكومية الوطنية نظرة متعالية وينظرون إلى اللغة العربية نفس النظرة ...
وقد أثرت أن أنقل هذا كله هنا لأنها نظرة مسيحي دارس إلى هذا التعليم الأجنبي وهو غير مكلف أن ينظر إليه من حيث ننظر نحن ولكن سياق دراسته مفض إلى مثل الذي يفضي إليه المسلم من حيث استخدامه هذا التعليم أداة لصبغ أبناء الناس بالصبغة التي يريدها هؤلاء الدعاة ويوجههم إلى وجهة غير صحيحة في الوطنية أو في غيرها من شؤون الدين والدنيا وهذا كاف بحمد الله في إثبات ما نريد من استغلال التعليم لبث أفكاره مدمرة في المتعلمين على أيدي هؤلاء المبشرين.