- 9 -
مرة أخرى، ثم مرة أخرى، ثم مرة أخرى، أحب أن يعلم من لم يكن يعلم أني أمرؤ لا ترهبه بوارق الوعيد ولاغ تثنيه لوائح التهديد ولا تهوله ألفاظ محفوظة تلوكها الأقلام الذاهلة وتمضغعها الأفواه المتلمظة وأني مذ خفت الله وحده لم أطو قلبا على مخافة أحد من عباده وأني مذ فرغت من أن أشرك بالله أحدا لم ترغني كلمة أوصف بها سوى الشرك بالله وكل صفة بعد هذه فمصيرها عندي ما قال زياد في خطبته البتراء أن أجعلها دبر أذنى وتحت قدمي إلا أن أكون مبطلا في قول أو فعل فعندئذ أؤوب إلى الحق صاغرا خاضع العنق لا تأخذني دون ذلك عزة بالإثم ولا يمنعني منه حياء أو كبر أن أقر علانية بخطأ كان مني أو زلل ترديت فيه واستغفر الله وأتوب إليه إذ ألجاني من الجاني إلى أن أصف للناس نفسي بما لا ينبغي للمرء أن يعتاده من التمدح فإنه يوشك أن يكون بابا من الأبواب الخفية إلى النفاق.
وخبر ذلك أني ظللت أكتب للرسالة ثمانية أسابيع كتبت فيها ثماني مقالات وألزمت نفسي مقالة الحق بلا جمجمة أو دهان فيما أوقل ولزمت طريق الإبانة عن حقائق ما أكتب عنه بلا رغبة في ثناء من أحد ولا رهبة من مذمة تجئ من خلق ولا خشية إفك أرمي به أنا منه برئ ثم فوجئت بشيء غريب جدا لم يكن مثله يخطر لي ببال ولولا ما أجد من تبعة هذا القلم ومن شعور بحق قارئ الرسالة عليَّ لما شغلته به وكان من حق القارئء على أن لا أخليه من متابعة ما يقال عما أكتب في الرسالة إذا كان قائله قد استودعه مكانا غير مجلة الرسالة وذلك أني رأيت الزميل محمد مندور قد أنشأ كلمات حول شيء سماه معاركنا الأدبية ألقى بعضها في الإذاعة ثم نشرها في مجلة روز اليوسف فكتب إلى مجلة روز اليوسف كلمة مختصرة أرجدج عليه مقالته حيث نشر كلامه ولكن عسى أن