هذا وإذا كان الدكتور مندور يعد نفسه ويعده الناس كذلك فأول شرط يجب أن يشتمل عليه الناقد هو افحاطة بما يتكلم فيه حتى تصبح الإحاطة قبل الحكم خليفة وسجية لا يبذل في صقلها جهدا ولا يلقي في استخدامها عنتا وهذا أمر مفروغ منه فيما أظن إلا أن يكون النقد قد تغير وتغيرت شرائطه في زمان لويس عوض معذرة إذا قلت ذلك الذي يعده الدكتور مندور طائفة قومية وفرقة دينية إذا كانت هذه خليقة الناقد فبأي خليقة استباح الدكتور الناقد أن يقول من الثابت أن أبا العلاء المعري لم يكن ثابتا على دينه الإسلامي متمسكا به بل لقد اتهم اتهاما أكيد بالإلحاد والزندقة من الذي أخبر الدكتور مندور أن هذا ثابت وأكيد وهل أحاط علما بما يدعي ثبوته وأكادته وهذه لفظة جديدة استعملتها للدكتور خاصة إذا كانت الأحكام الأدبية تلقي على الناس بهذا القدر من الاستهانة بلا تورع وبلا إحاطة فأي قيمة للاداب تبقى عند الناشئة ممت يجل الدكمتور مندور ويتثقف على يديه؟
وأنا بحق زمالتي القديمة وبحق معرفتي بالدكتور كنت أربأ به عن هذه الاستهانة وكنت أتمنى له أن لا يدع لشيء مهما عظم سلطانا على أحكامه الأدبية لأنه إذا خلط هذه الأحكام مرة بالتسرع والحيف وقلة الإحاطة سقطت الثقة بأحكامه فةى مئات من المرات وكل مبتدئ من تلامذته يستطيع أن يرجع إلى عشرات من الكتب قد نظرت في دين شيخ المعرة ونقدت الأخبار والأشعار التي ساقها من ساقها للدلالة على فساد دين الشيخ فيرى فيها برهانا أقوم على سلامة دينه وعلى التزامه شرائع ربه فكيف يقول إذن إذا سمع الدكتور يثبت ويؤكد فساد دين الشيخ بلا برهان انتزعه من كتبه ودواوينه وبلا بينة أو حجة أهكذا يتصدر الناس للقضاء في مثل ذلك الأمر العظيم وأي فرق يبقى بين الدكتور مندور وهو من هو وبين لويس عوض هذا الدعي الذي لا يحسن شيئا إلا الثرثرة الفارغة ولم يفعل الدكتور ذلك ويرتكب هذا الحكم الجائر بلا تردد ألان شيخ المعرة قد مات وبليت عظامه منذ أكثر من ألف سنة فلم يبق على ظهر الرض حي يدفع عنه أو يتكلم عنه كما يجد لويس عوض من يدفع عنه أو يتكلم عنه ورحم الله الشيخ كأنه كان ينظر بعين الغيب إلى ما سيلقاه بعد موته إذ قال: