كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

متى عدد الأقوام لبا وفطنة ... فلا تسأليني عنهما وسلي بي
أفارقهما ما العرض مني عندهم ... ثليبا ولا عرض لهم بثليب
وهان على سمعي إذا القبر ضمني ... هرير ضباع حوله وكليب
ولو أطاق الدكتور مندور أن يقرأ ما كتبت في مجلة الرسالة لعلم أن أمر اتهام الشيخ بفساد الديانة دونه أشواك مبعثرة من الشكوك لا يليق بدارس بعد اليوم أن يتجاهلها أو يغفلها وذلك لأن الدراسة الأدبية لآثار الرجال من كتاب وشعراء لا تقوم على التسليم بالأخبار الملفقة التي يلقيها مستهزئ أو مبغض أو حاقد أو غافل أو علج من علوج الروم أو زواقل من زواقبل الجزيرة بل تقوم على نقد الأخبار ومصادرها ومواردها بتمحيص مسئول عما يقول وعار على أستاذ دارس أن يتقمم الكلمات من أفواه الناس بلا شك وبلا عرض لهذه الكلمات على الآثار نفسها بأمانة وصدق وجد وبلا استهانة كاستهانة جلاس المقاهي وأحلاس الأرصفة ممن لا هم لهم إلا التشدق بالألفاظ المستظرفة على ثقلها والنظرات المتهكمة على غثائتها وبردها وليعلم من يحب أن يعلم أن الدراسة الأدبية جد لا مزاح فيه وأن أمة تسلك طريق الهزل والتماجن ولوك الألفاظ المتشعنة تظرفا في دراسة أدابها أمة قد قضى الله عليها أن تكون هلاكا مجسدا وبلاء مصبوبا على ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
وما دام الدكتور مندور قد صرفني عن متابعة ما كنت فيه من شأن هذا الدعي المتخابث الطواف على المجالس مناجيا بائمة وحيلة ومكايده وعبثه ملقيا في الآذان أني أريد فتنة قومية ودينية أعني لويس عوض قائل ذلك منذ بدأت أول مقالة كتبتها للرسالة ولم يزل يرددها حتى صدقها رجل مثل الدكتور مندور فرددها فيما يقول عني ما دام الدكتور مندور قد صرفني إلى مثل هذا الهذر فإني لمنصرف إلى ما كتبه في مجلة روز اليوسف فيما سماه معركة الشعر وإن كنت غير راغب أن أتعجل هذا الأمر قبل أوانه من مقالاتي هذه ولكن هكذا أراد الدكتور مندور وهكذا عجل القلم ولكني لن أدخل الأمر من مدخله الذي كنت

الصفحة 165