كتاب أباطيل وأسمار (اسم الجزء: 1)

فنحن المسلمين إنما أمرنا أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وأن الله تعالى أنزل التوراة على موسى عليه السلام وأنزل الإنجيل على عيسى ابن مريم عليه السلام وأنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه أي شاهد عليها أنها حق من عند الله أمينا عليها حافظا لها فما وافق القرآن فهو الحق وما خالفه فالله حاكم بيننا وبينعم يوم القيامة وهذا بلا ريب صريح المعقول أما أن يكون ما وافق القرآن وما خالفه جميعا جزءا من التراث الروحي للمسلمين وغير المسلمين فهذا إبطال لقضية الدين كلها ويكون معناه عندئذ أن تنمحي جميع الفروق بين الديانات وخير للناس يومئذ أن يعترفوا جميعا ببطلان ديانتهم ويلتمسوا لأنسهم دينا آخر يجتمعون عليه وهذا شيء لا يقول به أحد من أهل الأديان.
وندع هذا الخط في كلام الدكتور مندور إلى دلالة الألفاظ التي سبق أن ذكرت في مقالتي الخامسة أن لويس عوض منذ ملأه مالئة في الخلوة المشهودة بين أشجار الدردار عند الشلال بكامبردج ثم أطلقه خلال الأدب عامة والآداب العربية خاصة لا يكاد يرى في سماديره إلا الصلب والخلاص والفداء والخطيئة لا يكاد يرى ما يكتبه الكتاب والشعراء كتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وصلاح عبد الصبور وغيرهم غلا مقرونا بهذه العقائد وهذه الألفاظ هي نفس الألفاظ التي جاءت في مقال الدكتور مندور وأفتى فيها بما أفتى!!
وهذه الألفاظ الأربعة ينبغي أن تدرس بلا غموض ولا إبهام كما يحاول ذلك من يحاوله من صبيان المبشرين وبلا استهانة بدلالاتها كما يحلو ذلك للدكتور مندور وغيره ممن يعدها رموزا لتراث روحي لا بأس على المسلم في استعمالها كلا إن على المسلم كل البأس لأنه طريق محفوف بالمخاطر لمن صدق نفسه وعرف حرمة الكلمة كيف تقال وكيف تفسر وكيف توضع في موضعها.

الصفحة 168